عَلِمَ إذْ يُمْكِنُهُ الْبَعْثُ إلَيْهِ إذَا خَافَ التَّلَفَ فَيُمْكِنُهُ حِفْظُ الْعَيْنِ وَالْمَالِيَّةِ جَمِيعًا وَلَا يَبِيعُ الْقَاضِي الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ إذَا غَابَ مَالِكُهَا إنَّمَا يَبِيعُ مَالَ الْمَفْقُودِ.
سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ أَمِيرٍ وَهَبَ أَمَةً مِنْ خَادِمِهِ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ التَّاجِرَ قُتِلَ فِي عَيْنٍ فَأُخِذَتْ وَتَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي حَتَّى وَقَعَتْ بِيَدِ هَذَا الْأَمِيرِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ الْآنَ لَا يَجِدُ وَرَثَةَ الْقَتِيلِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ خَلَّاهَا ضَاعَتْ وَإِنْ أَمْسَكَهَا يَخَافُ الْفِتْنَةَ هَلْ لِلْقَاضِي بَيْعُهَا مِنْ ذِي الْيَدِ نِيَابَةً عَنْ الْغَائِبِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ الْمَالِكُ كَانَ لَهُ عَلَى ذِي الْيَدِ ثَمَنُهَا قَالَ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَةِ الْغَائِبِ وَالْمَجْنُونِ وَقْتَهُمَا وَلَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُمَا وَيَبِيعَهُمَا لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَةِ الْغَائِبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لِلْقَاضِي بَيْعُ قِنِّ الْمَفْقُودِ وَأَمَتِهِ لَا لَوْ كَانَ غَائِبًا غَيْرَ مَفْقُودٍ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ بَيْعِ مَالِ الْغَائِبِ مَاتَ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ وَارِثٌ فَبَاعَ الْقَاضِي دَارِهِ جَازَ، وَلَوْ عَلِمَ بِمَوْضِعِ الْوَارِثِ جَازَ وَيَكُونُ حِفْظًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْآبِقَ يَجُوزُ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
قَوْلُهُ (وَلَوْ غَابَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ فَلِلْحَاضِرِ دَفْعُ كُلِّ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ وَحَبْسُهُ حَتَّى يَنْقُدَ شَرِيكُهُ) وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَخَالَفَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْكُلِّ فَهَذِهِ أَحْكَامٌ الْأَوَّلُ فِي قَبْضِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ عَلَى تَقْدِيرِ إيفَاءِ الثَّمَنِ كُلِّهِ فَعِنْدَهُ إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ لَا يَأْخُذُ إلَّا نَصِيبَهُ لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ وَهُمَا يَقُولَانِ أَنَّ الْحَاضِرَ مُضْطَرٌّ إلَى أَدَاءِ كُلِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ حَبْسِ كُلِّ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ كُلَّ الثَّمَنِ فَصَارَ كَمُعِيرِ الرَّهْنِ وَصَاحِبِ الْعُلُوِّ وَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ قَيَّدَ بِغَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَا يَقْبِضُهُ اتِّفَاقًا وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ مِلْكَ الْغَائِبِ ثَبَتَ بِقَبُولِ الْحَاضِرِ غَيْرَ وَكِيلٍ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يُطَالَبُ بِنَصِيبِ الْآخَرِ فَلِشَبَهِهِ بِالْأَجْنَبِيِّ كَانَ مُتَبَرِّعًا فِي حَضْرَتِهِ وَلِشَبَهِهِ بِالْوَكِيلِ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا حَالَ غَيْبَتِهِ الثَّانِي فِي حَبْسِهِ عَنْ الْغَائِبِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا دَفَعَهُ عَنْهُ وَهُوَ فَرْعٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ عِنْدَهُمَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَدَلَّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لِلْحَاضِرِ الدَّفْعُ أَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ مَا أَدَّاهُ الْحَاضِرُ مِنْ نَصِيبِ الْغَائِبِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ نَصِيبِ الْغَائِبِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ عَلَى الْخِلَافِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ غَابَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ قَبْلَ نَقْدِ الْأُجْرَةِ فَنَقَدَ الْحَاضِرُ جَمِيعَهَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِي نَقْدِ حِصَّةِ الْغَائِبِ إذْ لَيْسَ لِلْآجِرِ حَبْسُ الدَّارِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ بَاعَ أَمَةً بِأَلْفِ مِثْقَالِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَهُمَا نِصْفَانِ) لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمِثْقَالَ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَيَجِبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ خَمْسُمِائَةِ مِثْقَالٍ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْت بِخَمْسِمِائَةِ مِثْقَالِ ذَهَبٍ وَخَمْسِمِائَةِ مِثْقَالِ فِضَّةٍ وَيَشْتَرِطُ بَيَانَ الْفِضَّةِ مِنْ الْجَوْدَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْفِضَّةِ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْجِيَادِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِأَلْفِ مِثْقَالٍ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا بِأَلْفٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ النِّصْفُ مِنْ الذَّهَبِ مَثَاقِيلَ وَمِنْ الْفِضَّةِ دَرَاهِمَ الْعَشَرَةُ مِنْهَا وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْأَلْفَ إلَيْهِمَا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمَعْهُودِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ ثُلُثُ الْكُرِّ وَهَكَذَا فِي الْمُعَامَلَاتِ كُلِّهَا كَالْمَهْرِ وَالْوَصِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ وَالْإِجَارَةِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَغَيْرِهِ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي الدَّرَاهِمِ يَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمَعْهُودِ وَزْنُ سَبْعَةٍ، وَيَجِبُ كَوْنُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَعَارَفُ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ فِي اسْمِ الدَّرَاهِمِ مَا يُوزَنُ سَبْعَةً وَالْمُتَعَارَفُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الْآنَ كَالشَّامِ وَالْحِجَازِ لَيْسَ ذَلِكَ بَلْ وَزْنُ رُبُعٍ وَقِيرَاطٍ مِنْ ذَلِكَ الدِّرْهَمِ وَأَمَّا فِي عُرْفِ مِصْرَ لَفْظُ الدِّرْهَمِ يَنْصَرِفُ الْآنَ إلَى زِنَةِ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ مِنْ الْفُلُوسِ إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ بِالْفِضَّةِ فَيَنْصَرِفُ إلَى دِرْهَمٍ بِوَزْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِنُقْصَانٍ فَالنُّقْصَانُ مَوْضُوعٌ عَنْ الْمُشْتَرِي وَهَذَا نَوْعُ اسْتِحْسَانٍ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لِلْآجِرِ حَبْسُ الدَّارِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ