وَلَوْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ كَالْكَسْبِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَتَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَائِمَةً فَإِنْ هَلَكَتْ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

إمَّا أَنْ تَهْلِكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَفِي الْأَوَّلِ لَهُ رَدُّ الْأَصْلِ وَفِي الثَّانِي خُيِّرَ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَرَدَّ الثَّمَنَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ حِصَّةَ الْعَيْبِ وَفِي الثَّالِثِ لَا رَدَّ لِأَنَّ ضَمَانَهُ كَبَقَاءِ عَيْنِهِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ. اهـ.

وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ اشْتَرَى شَاةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَنْ تَنْقُصُهَا الْوِلَادَةَ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ قَبَضَهُمَا فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا يَرُدُّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُمَا مُتَفَرِّقًا وَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَرُدُّ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ تَمْنَعُ الرَّدَّ وَاللَّبَنُ كَالْوَلَدِ اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ نَوْعَانِ مُنْفَصِلَةً وَمُتَّصِلَةً وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَوَلِّدَةً أَوْ لَا فَالْمُتَّصِلَةُ الَّتِي لَمْ تَتَوَلَّدْ تَمْنَعُ الرَّدَّ وِفَاقًا وَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِنَقْصِهِ وَالْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِنَقْصِهِ لَا رَدَّهُ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا عِنْدَهُمَا وَالْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ تَمْنَعُ الرَّدَّ وَكَذَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ وَالْمُنْفَصِلَةُ الَّتِي لَمْ تَتَوَلَّدْ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ وَالْفَسْخُ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْفَسْخِ ثُمَّ قَالَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمُتَّصِلَةَ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَلَا فَرْقَ فِي كَوْنِ الْوَلَدِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ بَيْنَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ حَائِلًا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَإِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ امْتَنَعَ رَدُّهَا بِعَيْبٍ سَوَاءٌ هَلَكَ الْوَلَدُ أَوْ لَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا حَيْثُ لَا يَمْنَعُ رَدُّ الْأُمِّ بِعَيْبٍ إذَا هَلَكَ الْوَلَدُ إذْ الْوِلَادَةُ لَا تَنْقُصُ فِي غَيْرِ بَنَاتِ آدَمَ وَلَوْ شَرَى أَمَةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ زَالَ الْعَيْبُ ثُمَّ قَالَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطُ يَبْطُلُ بِوِلَادَةِ الْأَمَةِ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ لَا وَالْوَلَدُ الْمَيِّتُ وَالْبَيْضَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُبْطِلُ الْخِيَارَ إلَّا إذَا نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ كَمَا تَمْنَعُ رَدَّهُ بِعَيْبٍ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِثَمَنِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَوْ اشْتَرَى قَمِيصًا فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ ثُمَّ بِرَهْنٍ مُسْتَحَقٍّ أَنَّ الْقَمِيصَ لَهُ وَقَضَى لَهُ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ لِكَوْنِهِ اسْتَحَقَّ بِسَبَبِ حَادِثٍ كَمَا لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الْكُمَّ لَهُ وَالْآخَرُ أَنَّ الدِّخْرِيصَ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَهُ وَلَمْ يَخُطَّهُ فَبَرْهَنَ أَنَّ الْقَمِيصَ لَهُ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَتَمَامُهُ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ أَعْتَقَهُ) يَعْنِي يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ أَمَّا الْمَوْتُ فَلِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَهَى بِهِ وَالِامْتِنَاعُ حُكْمِيٌّ لَا بِفِعْلِهِ وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرْجِعَ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الرَّدِّ بِفِعْلِهِ فَصَارَ كَالْقَتْلِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرْجِعُ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنْهَاءُ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مَا خُلِقَ فِي الْأَصْلِ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِيهِ الْمِلْكُ مُؤَقَّتًا إلَى الْإِعْتَاقِ فَكَانَ إنْهَاءً كَالْمَوْتِ وَهَذَا لِأَنَّ الشَّيْءَ يَتَقَرَّرُ بِانْتِهَائِهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ وَالرَّدَّ مُتَعَذِّرٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى ثُبُوتِ أَصْلِ الْمِلْكِ مَعَ الْإِعْتَاقِ ثُبُوتُ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ وَهُوَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ وَفِي الصُّغْرَى الْمُشْتَرِي إذَا بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ فَمَاتَ فِي يَدِ الثَّانِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا حَتَّى لَوْ صَالَحَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ مَعَ بَائِعِهِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ اهـ.

كَذَا فِي الْكَافِي وَقَدْ يُقَالُ مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِهِ مِنْ آثَارِ الْعِتْقِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَوَابِعَ الْإِعْتَاقِ وَفِيهَا تَفْصِيلٌ فَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ كَالْعِتْقِ لِتَعَذُّرِ النَّقْلِ مَعَ بَقَاءِ الْمَحَلِّ بِالْأَمْرِ الْحُكْمِيِّ وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَمَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ لِجَوَازِ النَّقْلِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ بِرِضَاهُ وَتَعْجِيزُهُ نَفْسَهُ فَصَارَ بِهَا حَابِسًا كَالْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ وَقَيَّدَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بِأَدَاءِ بَدَلَ الْكِتَابَةِ لِيُعْتِقَ لِيَصِيرَ عِتْقًا عَلَى مَالٍ اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ مُكَاتَبٌ اشْتَرَى أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ لَا يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ صَارَ مُكَاتَبًا وَالْكِتَابَةُ تَمْنَعُ زَوَالَ الْمِلْكِ بِسَائِرِ الْأَسْبَابِ فَكَذَلِكَ الْفَسْخُ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ خُلْفٌ عَنْ الرَّدِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّدِّ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْخُلْفُ إذَا وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْأَصْلِ وَلَمْ يَقَعْ لِقَبُولِهَا الْفَسْخَ بِخِلَافِ مَا إذَا دَبَّرَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ سَقَطَتْ مِنْ أَغْلِبْ النُّسَخِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ) أَيْ نَقَصَتْ الدَّجَاجَةُ.

(قَوْلُهُ يَعْنِي يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَكَذَا إذَا اطَّلَعَ قَبْلَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ إذْ الْمَوْتُ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ فِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْغَيْبِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ أَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَكَانَ أَفْوَدَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْفُصُولِ ذَهَبَ بِهِ إلَى بَائِعِهِ لِيَرُدَّهُ بِعَيْبِهِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ يَهْلَكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِنَقْصِهِ اهـ.

أَقُولُ: قَوْلُهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ يَعْنِي مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ خُلْفٌ عَنْ الرَّدِّ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ عَدَمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015