بِحَقِّ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شَاغِلًا كَالْحِنْطَةِ فِي جَوَالِقِ الْبَائِعِ لَمْ يَمْنَعْهُ.
وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ بَاعَ حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا فَسَلَّمَهَا كَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ كَقُطْنٍ فِي فِرَاشٍ وَيَصِحُّ تَسْلِيمُ ثِمَارِ الْأَشْجَارِ وَهِيَ عَلَيْهَا بِالتَّخْلِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِمِلْكِ الْبَائِعِ وَعَنْ الْوَبَرِيِّ الْمَتَاعُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ لَا يَمْنَعُ فَلَوْ أَذِنَ لَهُ بِقَبْضِ الْمَتَاعِ وَالْبَيْتِ صَحَّ وَصَارَ الْمَتَاعُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ الْقَبْضُ أَنْ يَقُولَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ فَاقْبِضْهُ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبَضْته فَلَوْ أَخَذَ بِرَأْسِهِ وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ فَقَادَهُ فَهُوَ قَبْضٌ دَابَّةً كَانَتْ أَوْ بَعِيرًا، وَإِنْ كَانَ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً، فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي تَعَالَ مَعِي أَوْ امْشِ فَخَطَا مَعَهُ فَهُوَ قَبْضٌ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ؛ وَفِي الثَّوْبِ إنْ أَخَذَهُ بِيَدِهِ أَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَهُوَ مَوْضُوعٌ عَلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ خَلَّيْتُ بَيْنَك وَبَيْنَهُ فَاقْبِضْهُ، فَقَالَ قَبَضْتُهُ فَهُوَ قَبْضٌ، وَكَذَا الْقَبْضُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالتَّخْلِيَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً فِي بَيْتٍ وَدَفَعَ الْبَائِعُ الْمِفْتَاحَ إلَيْهِ، وَقَالَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَهُوَ قَبْضٌ، وَإِنْ دَفَعَهُ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَا يَكُونُ قَبْضًا، وَلَوْ بَاعَ دَارًا غَائِبَةً، فَقَالَ سَلَّمْتهَا إلَيْك، فَقَالَ قَبَضْتهَا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا، وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةً كَانَ قَبْضًا وَهِيَ أَنْ تَكُونَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى إغْلَاقِهَا وَإِلَّا فَهِيَ بَعِيدَةٌ وَأَطْلَقَ فِي الْمُحِيطِ إنَّ بِالتَّخْلِيَةِ يَقَعُ الْقَبْضُ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِبُعْدٍ عَنْهُمَا، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ إذَا بَاعَ ضَيْعَةً وَخَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بِقُرْبٍ مِنْهَا يَصِيرُ قَابِضًا، وَإِنْ كَانَ بِبُعْدٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا قَالَ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ، فَإِنَّهُمْ يَشْتَرُونَ الضَّيْعَةَ بِالسَّوَادِ وَيُقِرُّونَ بِالتَّسْلِيمِ وَالْقَبْضِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ بِهِ الْقَبْضُ وَفِي جَامِعِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ يَصِحُّ الْقَبْضُ، وَإِنْ كَانَ الْعَقَارُ غَائِبًا عَنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا.
وَفِي جَمْعِ النَّوَازِلِ دَفْعُ الْمِفْتَاحِ فِي بَيْعِ الدَّارِ تَسْلِيمٌ إذَا تَهَيَّأَ لَهُ فَتْحُهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بَقَرًا فِي السَّرْحِ، فَقَالَ الْبَائِعُ اذْهَبْ فَاقْبِضْ إنْ كَانَ يَرَى بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ يَكُونُ قَبْضًا، وَلَوْ بَاعَ خَيْلًا وَنَحْوَهُ فِي دَنٍّ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فِي دَارِ الْمُشْتَرِي وَخَتَمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الدَّنِّ فَهُوَ قَبْضٌ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَأَمَرَهُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَخَذَهُ إنْسَانٌ إنْ كَانَ حِينَ أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ أَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ صَحَّ التَّسْلِيمُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِقِيَامٍ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ اشْتَرَى طَيْرًا فِي بَيْتٍ وَالْبَابُ مُغْلَقٌ فَأَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْقَبْضِ فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى هَبَّتْ الرِّيحُ فَفَتَحَتْ الْبَابَ فَطَارَ لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ، وَإِنْ فَتَحَهُ الْمُشْتَرِي فَطَارَ صَحَّ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ بِأَنْ يَحْتَاطَ فِي الْفَتْحِ، وَلَوْ اشْتَرَى فَرَسًا فِي حَظِيرَةٍ، فَقَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتهَا إلَيْهِ فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَذَهَبَتْ الْفَرَسُ إنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُهَا مِنْ غَيْرِ عَوْنٍ كَانَ قَبْضًا وَهُوَ تَأْوِيلُ مَسْأَلَةِ الطَّيْرِ وَفِي مَكَان آخَرَ مِنْ غَيْرِ عَوْنٍ وَلَا حَبْلٍ، وَإِنْ اشْتَرَى دَابَّةً وَالْبَائِعُ رَاكِبُهَا، فَقَالَ الْمُشْتَرِي احْمِلْنِي مَعَك فَحَمَلَهُ فَعَطِبَتْ هَلَكَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا سَرْجٌ وَرَكِبَ الْمُشْتَرِي فِي السَّرْجِ يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ كَانَا رَاكِبَيْنِ فَبَاعَ الْمَالِكُ مِنْهُمَا الْآخَرَ لَا يَصِيرُ قَابِضًا كَمَا إذَا بَاعَ الدَّارَ وَالْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِيهَا. اهـ.
كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ تَخْلِيَةِ الْبَعِيدِ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ زَادَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَكَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ اهـ.
فَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَ مَا فِي الْمُحِيطِ وَجَامِعِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَعَلَى هَذَا تَخْلِيَةُ الْبَعِيدِ فِي الْإِجَارَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَكَذَا الْإِقْرَارُ بِتَسَلُّمِهَا وَفِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْغَايَةِ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ وَفِي الْمَنْقُولِ بِالنَّقْلِ إلَى مَكَان لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ لَوْ فَعَلَهَا الْبَائِعُ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي كَانَ قَابِضًا الْأَمْرُ بِخِتَانِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ وَالْفَصْدُ وَقَطْعُ عُرْفِ الْفَرَسِ أَوْ كَانَ ثَوْبًا فَأَمَرَهُ بِالْقِصَارَةِ أَوْ الْغُسْلِ أَوْ مُكَعَّبًا فَأَمَرَهُ بِنَعْلِهِ أَوْ نَعْلًا فَأَمَرَهُ بِحِذَائِهِ أَوْ طَعَامًا فَأَمَرَهُ بِالطَّبْخِ أَوْ دَارًا فَآجَرَهَا مِنْ الْبَائِعِ أَوْ جَارِيَةً فَأَمَرَهُ بِتَزْوِيجِهَا فَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا يَصِيرُ بِهِ قَابِضًا حَقِيقَةً) فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ حُكْمًا بَدَلَ قَوْلِهِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْقَبْضِ التَّسَلُّمُ بِالْيَدِ وَالتَّخْلِيَةُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ غَايَتُهَا التَّمَكُّنُ مِنْ حَقِيقَةِ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ مُفْرَزًا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ غَيْرِهِ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَفْسَخَ الشِّرَاءَ إلَى مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ يَقْبِضَهُ مِنْ الْبَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِالتَّسْلِيمِ قَبْلَ مُضِيِّهَا وَلَا لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَجْعَلْ الْمَبِيعَ بِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ، وَكَذَا لَوْ شَرَى غَائِبًا لَا يُطَالِبُهُ بِثَمَنِهِ مَا لَمْ يَتَهَايَأْ الْمَبِيعُ لِلتَّسْلِيمِ اهـ.
[بَاعَ حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا فَسَلَّمَهَا كَذَلِكَ]
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بَقَرًا فِي السَّرْحِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَجِب أَنْ يُقَيَّدَ بِإِمْكَانِ أَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ عَوْنٍ