وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ عَسَى أَنْ تُفْضِيَ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَى حَقًّا فِي دَارٍ وَلَا يَعْلَمَانِ كَمْ ذَلِكَ الْحَقُّ لَا يَجُوزُ لِمَا قُلْنَا كَذَا هَذَا هـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ بَيْعُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مِقْدَارُهُ جَوَازُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ كَمَنْ أَقَرَّ أَنَّ فِي يَدِهِ مَتَاعَ فُلَانٍ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمُقِرُّ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفَا مِقْدَارَهُ اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ وَهِيَ بَيْعُ جَمِيعِ مَا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَوْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ هَذَا الْبَيْتِ أَوْ هَذَا الصُّنْدُوقِ أَوْ الْجَوَالِقِ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي مَا فِيهَا جَازَ وَإِلَّا فَفِي الْأَوَّلَيْنِ لَا يَجُوزُ لِفُحْشِ الْجَهَالَةِ وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ؛ يَجُوزُ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ يَسِيرَةٌ اهـ.

وَفِيهَا قَالَ الْآخَرُ إنَّ لَك فِي يَدِي أَرْضًا خَرِبَةً لَا تُسَاوِي شَيْئًا فِي مَوْضِعِ كَذَا فَبِعْهَا مِنِّي بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَ بِعْتهَا، وَلَمْ يَعْرِفْهَا الْبَائِعُ وَهِيَ تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيْعَ الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَك فِي يَدِي أَرْضٌ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَرْضُ كَذَا فَإِذَا أَجَابَهُ جَازَ أَيْضًا اهـ.

وَفِيهِمَا أَيْضًا رَجُلٌ دَفَعَ دَرَاهِمَ إلَى خَبَّازٍ، فَقَالَ اشْتَرَيْت مِنْك مِائَةَ مَنٍّ مِنْ خُبْزٍ وَجَعَلَ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَمَا أَكَلَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى خُبْزًا غَيْرُ مُشَارٍ إلَيْهِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَكَانَ الْبَيْعُ مَجْهُولًا فَإِذَا أَكَلَ كَانَ الْأَكْلُ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ، وَلَوْ أَعْطَاهُ الدَّرَاهِمَ وَجَعَلَ يَأْخُذُ مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ، وَلَمْ يَقُلْ فِي الِابْتِدَاءِ اشْتَرَيْت مِنْك يَجُوزُ، وَهَذَا حَلَالٌ، وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ وَقْتَ الدَّفْعِ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ الْآنَ بِالتَّعَاطِي وَالْآنَ الْمَبِيعُ مَعْلُومٌ فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ صَحِيحًا اهـ.

وَفَسَدَ بَيْعُ شَاةٍ مِنْ قَطِيعٍ وَثَوْبٍ مِنْ عَدْلٍ.

وَكَذَا إذَا بَاعَ عَدَدِيًّا مُتَفَاوِتًا عَدَدًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَوَجَدَ أَكْثَرَ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى مِنْ هَذَا اللَّحْمِ ثَلَاثَةَ أَرْطَالٍ بِدِرْهَمٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَوْضِعَ، وَكَذَا إذَا بَيَّنَهُ، فَقَالَ مِنْ الْجَنْبِ أَوْ هَذَا الْفَخِذِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ فِي السَّلَمِ وَعُلِمَ قِيَاسُ قَوْلِهِمَا يَجُوزُ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْجَوَازُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَفِيهَا وَبَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ مُنْفَرِدًا جَائِزٌ وَهِبَتُهُ مُنْفَرِدًا فَاسِدٌ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمُشْتَرِي أَرْضًا، وَذَكَرَ حُدُودَهَا لَا ذَرْعَهَا طُولًا وَعَرْضًا جَازَ، وَإِذَا عَرَفَ الْمُشْتَرِي الْحُدُودَ لَا الْجِيرَانُ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْحُدُودَ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْمُشْتَرِي جَازَ الْبَيْعُ إذَا لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا تَجَاحُدٌ وَجَهِلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ لَا يَمْنَعُ وَجَهْلُ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ دَارٌ بَيْنَهُمَا بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ انْصَرَفَ إلَى قِسْطِهِ، وَلَوْ عَيَّنَ، وَقَالَ بِعْت هَذَا النِّصْفَ لَا يَجُوزُ.

وَأَمَّا جَهَالَةُ الثَّمَنِ فَمَانِعَةٌ أَيْضًا كَمَا إذَا بَاعَ شَيْئًا بِقِيمَتِهِ أَوْ بِحُكْمِ الْمُشْتَرِي أَوْ فُلَانٍ وَبِعْتُك هَذَا بِقَفِيزِ حِنْطَةٍ أَوْ بِقَفِيزَيْ شَعِيرٍ، وَهَذَا بِأَلْفٍ إلَى سَنَةٍ أَوْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إلَى سَنَتَيْنِ أَوْ بَاعَ شَيْئًا بِرِبْحِ ده يازده، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي رَأْسَ الْمَالِ حَتَّى افْتَرَقَا وَبِيعَ الشَّيْءُ بِرَقْمِهِ أَوْ بِرَأْسِ مَالِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالرَّقْمُ بِسُكُونِ الْقَافِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ جَازَ الْبَيْعُ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيْعَ الْمَجْهُولِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الْغَبْنِ لِلْبَائِعِ وَلَا شَكَّ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى حَيْثُ كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا لِلتَّغْرِيرِ وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِرَارًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ مُنْفَرِدًا جَائِزٌ وَهِبَتُهُ مُنْفَرِدًا فَاسِدٌ) ، كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا وَبَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ مُنْفَرِدًا فَاسِدٌ وَعَلَيْهَا كَتَبَ الرَّمْلِيُّ، فَقَالَ هُنَا غَلَطٌ وَلَعَلَّ صَوَابَ الْعِبَارَةِ وَبَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ مُنْفَرِدًا جَائِزٌ وَبَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ مُنْفَرِدًا فَاسِدٌ اهـ.

قُلْتُ: وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَسِيلُ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ وَلَا بَيْعُ الطَّرِيقِ بِدُونِ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الشِّرْبِ، وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخٍ بَيْعُ الشِّرْبِ جَائِزٌ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا جَهَالَةُ الثَّمَنِ فَمَانِعَةٌ) قَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي مَانِعَةً مِنْ الْجَوَازِ، وَهَلْ تُفِيدُ الْمِلْكَ أَقُولُ: سَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ بَاطِلٌ وَمَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ فَاسِدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَهَالَةَ تُوجِبُ الْفَسَادَ لَا الْبُطْلَانَ تَأَمَّلْ اهـ.

قُلْتُ: سَيَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ مَتْنًا، وَلَوْ وَلَّى رَجُلًا شَيْئًا بِمَا قَامَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِكَمْ قَامَ عَلَيْهِ فَسَدَ وَعَلَّلَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمَتْنِ، وَلَوْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ خُيِّرَ قَالَ الْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ لَمْ يَتَقَرَّرْ فَإِذَا حَصَلَ الْعِلْمُ فِي الْمَجْلِسِ جُعِلَ كَابْتِدَاءِ الْعَقْدِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدُهُ بِعَرْضِيَّةِ الصِّحَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِلْمَرْوِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ صَحِيحٌ لَهُ عَرْضِيَّةُ الْفَسَادِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِقَفِيزَيْ شَعِيرٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَوْ فِيهِ لِلتَّخْيِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَوْ فِيهِ لِلتَّخْيِيرِ. (قَوْلُهُ وَبَيْعُ الشَّيْءِ بِرَقْمِهِ أَوْ رَأْسِ مَالِهِ) إذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِرَقْمِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي رَقْمَهُ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ، وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ الْعَقْدُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بَطَلَ وَكَانَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَقُولُ، وَإِنْ عَلِمَ بِالرَّقْمِ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَنْقَلِبُ ذَلِكَ الْعَقْدُ جَائِزًا وَلَكِنْ إنْ كَانَ الْبَائِعُ دَائِمًا عَلَى ذَلِكَ الرِّضَا وَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ ابْتِدَاءً بِالتَّرَاضِي وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ بِالتَّوْلِيَةِ أَوْ بِرَقْمِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا رَأْسُ مَالِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ وَفِي حُكْمِ النَّقْضِ إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا قَالَ الْبَائِعُ لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَهُنَا لَوْ قَالَ لَا أُخْبِرُك بِالثَّمَنِ أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015