الْمِعْرَاجِ.
وَقِيلَ قَوْلُهُ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الذَّهَابَ عَنْهُ شَرْطُهُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ عَنْهُ يَتَحَقَّقُ بِالذَّهَابِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَذْهَبْ لَا يُقَالُ قَامَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ قَالَ فِيهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْإِصْلَاحِ أَوْ قَامَ، وَقَالَ فِي الْإِيضَاحِ لَمْ يَقُلْ عَنْ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ عَنْ الْمَجْلِسِ وَفِي الْبِنَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى بَعْضِهِمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ قَامَ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى الذَّهَابِ وَإِلَّا كَأَنْ يَقُولَ قَامَ فِيهِ وَلَبِسَ ثَوْبًا إلَّا إذَا فَعَلَ الْقَابِلُ بِالْمَبِيعِ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَاللُّبْسَ فَقَبُولٌ وَفِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ كَانَ قَائِمًا فَقَعَدَ لَمْ يَبْطُلْ.
وَعَلَى اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ تَفَرَّعَ لَوْ تَبَايَعَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ أَوْ يَسِيرَانِ، وَلَوْ كَانَا عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَصِحَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِاخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَالطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إنْ أَجَابَ عَلَى فَوْرِ كَلَامِهِ مُتَّصِلًا جَازَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ، ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ يَصِحُّ، وَإِنْ فَصَلَا بِسُكُوتٍ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا اهـ.
وَفِي الْمُجْتَبَى مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِدَابَّتَيْهِمَا وَهُوَ أَحْسَنُ وَعَلَى الِاخْتِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقِفْ أَمَّا إذَا وَقَفَ بَعْدَمَا سَارَ فَقَبِلَ الْآخَرُ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالسَّفِينَةُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ إيقَافَهَا فَجَرَيَانُهَا لَمْ يُصَفْ إلَيْهِمَا فَلَا يَنْقَطِعُ مَجْلِسُهُمَا بِجَرَيَانِهَا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ، فَإِنَّهُمَا يَمْلِكَانِ الْإِيقَافَ قُيِّدَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ وَالْعِتْقَ عَلَى مَالٍ لَا يُبْطِلُ الْإِيجَاب فِيهِ بِقِيَامِ الزَّوْج وَالْمَوْلَى لِكَوْنِهِ يَمِينًا وَيَبْطُلُ بِقِيَامِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةً فِي حَقِّهِمَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
وَأَمَّا فِي خِيَارِ الْمُخَبَّرَةِ، فَإِنَّهُ إذَا خَيَّرَهَا وَهِيَ وَاقِفَةٌ وَسَارَ الزَّوْجُ أَوْ مَشَى قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ، ثُمَّ اخْتَارَتْ وَقَعَ بِخِلَافِ مَا إذَا سَارَتْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسِهَا خَاصَّةً بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسِهِمَا، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَيَبْطُلُ مَجْلِسُ الْبَيْعِ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الْمُخَيَّرَةِ. اهـ. .
وَفِي الْقُنْيَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنَادِيَهُ مِنْ بَعِيدٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ رَجُلٌ فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ لِلَّذِي فِي السَّطْحِ بِعْته مِنْك بِكَذَا، فَقَالَ اشْتَرَيْت صَحَّ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَرَى صَاحِبَهُ وَلَا يَلْتَبِسُ الْكَلَامُ لِلْبُعْدِ، وَلَوْ تَعَاقَدَ الْبَيْعُ وَبَيْنَهُمَا النَّهْرُ المزدحصائي يَصِحُّ الْبَيْعُ قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ نَهْرًا عَظِيمًا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ تَقَرَّرَ رَأْيُ (بح) فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبُعْدُ بِحَالٍ يُوجِبُ الْتِبَاسَ مَا يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ يَمْنَعُ وَإِلَّا فَلَا فَعَلَى هَذَا السَّتْرِ بَيْنَهُمَا الَّذِي لَا يَمْنَعُ الْفَهْمَ وَالسَّمَاعُ لَا يَمْنَعُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيجَابَ يَبْطُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ وَبِرُجُوعِ أَحَدِهِمَا عَنْهُ وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَلِذَا قُلْنَا إنَّ خِيَارَ الْقَبُولِ لَا يُورَثُ وَقَدَّمْنَا اسْتِثْنَاءَ مَسْأَلَةٍ وَبِتَغْيِيرِ الْمَبِيعِ بِقَطْعِ يَدٍ وَتَخَلُّلِ عَصِيرٍ وَزِيَادَةٍ بِوِلَادَةٍ وَهَلَاكِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ قَلْعِ عَيْنِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بَعْدَمَا وُهِبَ لِلْمَبِيعِ هِبَةً كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَبْطُلُ بِهِبَةِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبُولِهِ فَأَصْلُ مَا يُبْطِلُهُ سَبْعَةٌ فَلْيُحْفَظْ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بِعْت مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَحَضَرَ فِي الْمَجْلِسِ وَقَبِلَ صَحَّ اهـ.
وَهُوَ مُشْكِلٌ لِعَدَمِ سَمَاعِ الْغَائِبِ كَلَامَ الْحَاضِرِ وَلِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَحَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أَعَادَ الْإِيجَابَ بَعْدَ حُضُورِهِ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى.
وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ فَخَرَجَ مِنْهَا، ثُمَّ قَبِلَ لَمْ يَصِحَّ وَقُيِّدَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ إجَازَةَ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَجْلِسِ بُلُوغِ خَبَرِهِ حَتَّى لَوْ قَامَ الْمَالِكُ فَأَجَازَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ جَازَ كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ وَلَا يَضُرُّ فِي الْإِيجَابِ الْأَوَّلِ وُجُودُ إيجَابٍ ثَانٍ بِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبُولِ لِلْأَوَّلِ، وَلِذَا قَدَّمْنَا مَا لَوْ أَوْجَبَ بَيْعًا وَنِكَاحًا فَقَبِلَهُمَا جَازَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَبِيعُك هَذَا وَأَهَبُ لَك هَذَا فَقَبِلَ جَازَ الْكُلُّ كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ وَوَصْفِ ثَمَنٍ غَيْرِ مُشَارٍ لَا مُشَارٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَوَصْفِ الثَّمَنِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرُ مُشَارٍ إلَيْهِ أَمَّا الْمُشَارُ إلَيْهِ فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَالتَّسَلُّمَ وَاجِبٌ بِالْعَقْدِ فَهَذِهِ الْجَهَالَةُ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَيَمْتَنِعُ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ وَكُلُّ جَهَالَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ أَطْلَقَ فِي مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ فَشَمِلَ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ فِيهِمَا فَلَوْ بَاعَ عَبْدًا لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ، وَلِذَا قَالَ فِي الْإِصْلَاحِ) تَأْيِيدٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قَامَ وَبَيْنَ قَامَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ فَلَوْ بَاعَ عَبْدًا إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَدْرِ مَا قَالُوا فِي الرِّبَا لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَاكَ مَا يُقَدَّرُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَهُنَا أَعَمُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ يَكُونُ نَحْوَ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ فَالْمُرَادُ بِالْقَدْرِ مَا يُخَصِّصُهُ عَنْ إنْظَارِهِ بِإِضَافَةٍ إلَى الْبَائِعِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ بَيَانُ مَكَانِهِ الْخَاصِّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَيْرُهُ أَوْ بِذِكْرِ حُدُودِ أَرْضٍ أَوْ بَيَانِ مِقْدَارِهِ كَكُرِّ حِنْطَةٍ وَكَانَ يَمْلِكُهُ.