لَهُ مَا عَلَيْهِ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ طَلَبِ الْغَائِبِ هَلَكَ أَمَانَةً فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ طَلَبِهِ وَحَبَسَهُ لِلِاسْتِيفَاءِ هَلَكَ أَمَانَةً بِثَمَنِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَخَّرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَبِيعِ حَتَّى يَنْقُدَ الْآخَرُ.
وَأَمَّا إذَا تَعَدَّدَتْ الصَّفْقَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ انْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْقِسْمَةَ كَالْبَيْعِ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ حَتَّى لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ شَهْرَيْنِ بِكَذَا فَقَبِلَ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ قَاسَمْتُك هَذَا الرَّقِيقَ الْأَرْبَعَةَ عَلَى أَنَّ هَذَيْنِ لِي، وَهَذَيْنِ لَك، فَقَالَ الْآخَرُ سَلَّمْت لَك هَذَا وَلَا أُسَلِّمُ لَك هَذَا الْآخَرَ لَمْ يَجُزْ وَيَجُوزُ هَذَا فِي النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ فَقَيْلَ أَحَدَهُمَا إنْ قَبِلَ النِّكَاحَ جَازَ، وَإِنْ قَبِلَ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ جَمَعَ عِتْقًا وَطَلَاقًا أَوْ عِتْقًا وَنِكَاحًا أَوْ طَلَاقًا وَنِكَاحًا جَازَ قَبُولُ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ جَمَعَ مُكَاتَبَةً وَعِتْقًا وَبَيَّنَ حِصَّةَ الْمُكَاتَبَةِ جَازَ أَيُّهُمَا قَبِلَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَمْ يَجُزْ قَبُولُ الْكِتَابَةِ.
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَمُ عَمْدٍ بِأَنْ قَتَلَ أَخَوَيْهِ، فَقَالَ لِمَنْ عَلَيْهِ صَالَحْتُك مِنْهُمَا عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ، فَقَالَ رَضِيت عَنْ دَمِ فُلَانٍ بِخَمْسَةِ آلَافٍ صَحَّ وَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْآخَرَ، وَلَوْ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ صَالَحْتُك عَنْهُمَا عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ فَقَبِلَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ يَلْزَمُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مَا إذَا حَصَلَا بَعْدَ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَمْ يَتْرُكَاهُ، فَإِنَّ الْبَيْعَ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا شِرَاءً فَاسِدًا، ثُمَّ لَقِيَهُ غَدًا، فَقَالَ قَدْ بِعْتنِي ثَوْبَك هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ بَلَى، فَقَالَ قَدْ أَخَذْته فَهُوَ بَاطِلٌ، وَهَذَا عَلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَإِنْ كَانَا تَتَارَكَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَهُوَ جَائِزٌ الْيَوْمَ، وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ إنْ جِئْتنِي الْيَوْمَ بِالثَّمَنِ فَهُوَ لَك، وَإِنْ لَمْ تَجِئْنِي الْيَوْمَ بِالثَّمَنِ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَأْتِهِ بِالثَّمَنِ فَلَقِيَهُ غَدًا، فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ بِعْتَنِي عَبْدَك هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ نَعَمْ.
فَقَالَ قَدْ أَخَذَتْهُ فَهُوَ شِرَاءُ السَّاعَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشِّرَاءَ قَدْ انْتَقَضَ، وَلَمْ يُشْبِهْ هَذَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ اهـ.
مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ إذَا كَانَ فِيهِ خِيَارُ نَقْدٍ، وَلَمْ يَنْقُدْ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ حَتَّى قَالُوا بِفَسَادِهِ وَعَدَمِ انْفِسَاخِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَعْتَقَهُ صَحَّ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ الثَّانِي مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْبَائِعَ إذَا قَبِلَ بِأَقَلَّ مِمَّا أَوْجَبَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ وَكَانَ حَطًّا، وَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَبِلَ بِأَزْيَدَ صَحَّ كَانَ زِيَادَةً إنْ قَبِلَهَا فِي الْمَجْلِسِ لَزِمَتْ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ بِالْكِتَابَةِ وَالرِّسَالَةِ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكِتَابُ كَالْخِطَابِ، وَكَذَا الْإِرْسَالُ حَتَّى اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ بُلُوغِ الْكِتَابِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ وَصُورَةِ الْكِتَابِ أَنْ يَكْتُبَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بِعْت عَبْدِي فُلَانًا مِنْك بِكَذَا فَلَمَّا بَلَغَهُ الْكِتَابُ قَالَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ اشْتَرَيْتُ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَصُورَةُ الْإِرْسَالِ أَنْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيَقُولُ الْبَائِعُ بِعْت هَذَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاذْهَبْ يَا فُلَانُ فَقُلْ لَهُ فَذَهَبَ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ وَفِي النِّهَايَةِ.
وَكَذَا هَذَا الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالْكِتَابَةِ فَأَمَّا فِي الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ شَطْرُ الْعَقْدِ مِنْ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى عَلَى قَبُولِ الْآخَرِ وَرَاءَ الْمَجْلِسِ بِالْإِجْمَاعِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ بِعْتُ عَبْدِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا وَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَبِلَ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ شَطْرَ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ فَأَمَّا فِي النِّكَاحِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الشَّطْرُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَتَوَقَّفُ شَطْرُ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنْ الْعَاقِدِ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشُّرُوطِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَتَوَقَّفُ كَالْخُلْعِ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ وَيَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ لِكَوْنِهِ يَمِينًا مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى مُعَاوَضَةً مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَالْمُرْسِلِ قَبْلَ الْوُصُولِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْآخَرُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْقُدْ فِي الْمُدَّةِ يَفْسُدُ وَلَا يَنْفَسِخُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ وَلَا يَفْسُدُ، وَلِهَذَا قَالَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشِّرَاءَ قَدْ انْتَقَضَ إلَخْ تَأَمَّلْ