وَعَلَى هَذَا قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا أَجَّرَ مُسْتَغَلَّ الْوَقْفِ وَجَاءَ آخَرُ يَزِيدُ فِي الْأُجْرَةِ. اهـ.

وَصَرَّحَ قَاضِي خَانْ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ بِأَنَّهُ إذَا أَجَّرَ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ بِنُقْصَانٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَإِنْ كَانَ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا إجَارَةً صَحِيحَةً إمَّا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَبِالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرْضَى بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنْ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ ازْدَادَ أَجْرُ مِثْلِهِ كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى اهـ.

وَفِي الْحَاوِي وَيُفْتَى بِالضَّمَانِ فِي غَصْبِ عَقَارِ الْوَقْفِ وَغَصْبِ مَنَافِعِهِ وَكَذَا كُلُّ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فِيمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ حَتَّى نُقِضَتْ الْإِجَارَةُ عِنْدَ الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَصِيَانَةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِبْقَاءً لِلْخَيْرَاتِ اهـ.

وَتَقْيِيدُهُ بِالْفَاحِشَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ نَقْضِهَا بِالْيَسِيرِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْفَاحِشَةِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهَا كَمَا فِي طَرَفِ النُّقْصَانِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَالْوَاحِدُ فِي الْعَشَرَةِ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَهَذَا قَيْدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ دَارٍ عَشَرَةً مَثَلًا وَزَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا وَاحِدًا فَإِنَّهَا لَا تُنْقَضُ كَمَا لَوْ أَجَّرَهَا الْمُتَوَلِّي بِتِسْعَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُنْقَضُ بِخِلَافِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الطَّرَفَيْنِ وَيَجُوزُ النُّقْصَانُ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ نَقْصًا فَاحِشًا لِلضَّرُورَةِ.

قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ حَانُوتٌ وَقْفٌ وَعِمَارَتُهُ مِلْكٌ لِرَجُلٍ أَبَى صَاحِبُ الْعِمَارَةِ أَنْ يُسْتَأْجَرَ بِأَجْرِ مِثْلِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لَوْ رُفِعَتْ يُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُسْتَأْجَرُ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ كُلِّفَ رَفْعَ الْعِمَارَةِ وَيُؤَجَّرُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ النُّقْصَانَ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُهُ لَا يُكَلَّفُ وَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِذَلِكَ الْأَجْرِ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً. اهـ.

فَإِنْ قُلْتُ: إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضَ الْوَقْفِ سِنِينَ عَلَى عُقُودٍ كَثِيرَةٍ لِلْبِنَاءِ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا ثُمَّ بَنَى فَزَادَ إنْسَانٌ عَلَيْهِ هَلْ تَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ قُلْتُ: قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً وَبَنَى فِيهَا حَانُوتًا وَسَكَنَهَا فَأَرَادَ غَيْرُهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْغَلَّةِ وَيُخْرِجَهُ مِنْ الْحَانُوتِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ أُجْرَتُهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْإِجَارَةُ الْأُولَى بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ ازْدَادَ أَجْرَ مِثْلِهِ إلَخْ) أَقُولُ: فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ ثَلَاثَ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ أَجْرُ الْمِثْلِ فَلَمَّا دَخَلَتْ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ كَثُرَتْ الرَّغَبَاتُ فَزَادَتْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَنْقُضَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ لِنُقْصَانِ أَجْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَوَقْتُ الْعَقْدِ الْمُسَمَّى أَجْرُ الْمِثْلِ. اهـ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي رِسَالَةِ الْعَلَّامَةِ قنلي زَادَهُ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ زِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ زِيَادَةً فَاحِشَةً بِزِيَادَةِ الرَّغَبَاتِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فَفِي رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ السَّابِقَةُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَالْوَقْفُ يَجِبُ لَهُ النَّظَرُ وَفِي رِوَايَةِ فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ لَا تُفْسَخُ قَالَ وَالنُّقُولُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَثِيرَةٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سَرْدِ النُّقُولِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَتَحَرَّرَ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ إنْ كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَمْ تَصِحَّ ابْتِدَاءً وَإِنْ كَانَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ صَحَّتْ.

فَإِنْ لَمْ تَزْدَدْ الْأُجْرَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ جَاءَ رَجُلٌ وَقَبِلَ الْوَقْفَ بِأُجْرَةٍ زَائِدَةٍ لَا تُفْسَخُ الْأُولَى بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَزْدَادَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِزِيَادَةِ الرَّغَبَاتِ وَيَثْبُتُ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بِخَبَرِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَإِلَى وَقْتِ الْفَسْخِ يَجِبُ الْمُسَمَّى الْأَوَّلُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَأْجُورِ مَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ كَزَرْعٍ لَمْ يُسْتَحْصَدْ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذَلِكَ تَبْقَى الْإِجَارَةُ إلَى أَنْ يَزُولَ لَكِنْ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ مِنْ وَقْتِ الزِّيَادَةِ إلَى أَنْ يَزُولَ هَذَا فِي رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَفِي رِوَايَةِ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ لَا تُفْسَخُ بِالزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ إنْ وَقَعَتْ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ ابْتِدَاءً وَالرِّوَايَتَانِ قَرِيبَتَانِ مِنْ التَّسَاوِي فِي الْقُوَّةِ وَالرُّجْحَانِ فَإِنِّي لَمْ أَرَ التَّرْجِيحَ الصَّرِيحَ إلَّا فِيمَا نُقِلَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ فَتَاوَى بُرْهَانِ الدِّينِ أَنَّهُ يُفْتَى بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ لَكِنْ إذَا تَرَافَعَ الْمُتَوَلِّي وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ وَأَثْبَتَ زِيَادَةَ الْأَجْرِ بِزِيَادَةِ الرَّغَبَاتِ لَكِنْ إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ الْحَنَفِيُّ بِرِوَايَةِ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ أَوْ تَرَافَعَا إلَى غَيْرِ الْحَنَفِيِّ فَحَكَمَ بِإِلْغَاءِ اعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِحَنَفِيٍّ آخَرَ الْفَسْخُ ذَاهِبًا إلَى رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

وَهَلْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ إذَا زَادَتْ الرَّغَبَاتُ أَنَّهُ يَفْسَخُهَا الْقَاضِي بِنَفْسِهِ أَوْ الْمُتَوَلِّي عِنْدَ الْقَاضِي وَبِإِذْنِهِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِذَلِكَ لَمْ يُحَرِّرْهُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهُ الطَّرَسُوسِيُّ وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَفْسَخُ الْقَاضِي إذَا امْتَنَعَ النَّاظِرُ عَنْهُ اهـ. مُلَخَّصًا.

قُلْتُ: وَسَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْحَاوِي تَرْجِيحُ رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْفَاحِشَةِ إلَخْ) ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ قنلي زَادَهُ عَنْ الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْفَاحِشَةَ مُقَدَّرَةٌ بِضَعْفِ الَّذِي أَجَّرَهُ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ نَرَهُ لِغَيْرِهِ وَالْحَقُّ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَهُوَ زِيَادَةٌ فَاحِشَةٌ نِصْفًا كَانَتْ أَوْ رُبْعًا وَهُوَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُتَقَوِّمَيْنِ فِي الْمُخْتَارِ ثُمَّ رَدَّدَ أَنَّهُ هَلْ هَذَا رِوَايَتَانِ أَوْ مُرَادُ الْعَامَّةِ أَيْضًا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ مَا ذُكِرَ لَمْ يُحَرِّرْهُ أَحَدٌ قَبْلَنَا وَعَزَا إلَى الذَّخِيرَةِ مِثْلَ مَا فِي الْحَاوِي اهـ.

وَيُؤَيِّدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015