مُحَمَّدٍ مَعْلُومًا كَانَ الْوَقْتُ أَوْ مَجْهُولًا وَاخْتَارَهُ هِلَالٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مَعْلُومًا جَازَ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ كَالْبَيْعِ وَإِلَّا بَطَلَ الْوَقْفُ وَصَحَّحَهُ السَّمْتِيُّ مُطْلَقًا وَأَبْطَلَ الشَّرْطَ وَظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ دَارِهِ مَسْجِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ صَحَّ الْوَقْفُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ بِلَا خِلَافٍ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَقْتُ مَجْهُولًا أَنْ يَصِحَّ الْوَقْفُ وَيَبْطُلَ الشَّرْطُ
الْعَاشِرُ أَنْ لَا يَكُونَ مُؤَقَّتًا قَالَ الْخَصَّافُ لَوْ وَقَفَ دَارِهِ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ مُؤَبَّدًا وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى فُلَانٍ مِنْهُ كَانَ بَاطِلًا وَفَصَّلَ هِلَالٌ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَ رُجُوعَهَا إلَيْهِ بَعْدَ الْوَقْتِ فَيَبْطُلَ الْوَقْفُ أَوْ لَا فَلَا وَظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ اعْتِمَادُهُ
الْحَادِيَ عَشَرَ أَنْ يَكُونَ لِلْوَاقِفِ مِلَّةٌ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُرْتَدِّ إنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ وَيَبْطُلُ وَقْفُ الْمُسْلِمِ إنْ ارْتَدَّ وَيَصِيرُ مِيرَاثًا سَوَاءٌ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ أَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ إلَّا إنْ أَعَادَ الْوَقْفَ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ كَمَا أَوْضَحَهُ الْخَصَّافُ آخِرَ الْكِتَابِ وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ فَصَحَّ وَقْفِ الذِّمِّيِّ بِشَرْطِ كَوْنِهِ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ عَمَّمَ جَازَ الصَّرْفُ إلَى كُلِّ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ وَإِنْ خَصَّصَ فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ كَالْمُعْتَزِلِيِّ إذَا خَصَّ أَهْلَ الِاعْتِزَالِ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ وَلَدِهِ أُخْرِجَ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ أَيْضًا كَشَرْطِ الْمُعْتَزِلِيِّ أَنَّ مَنْ صَارَ سُنِّيًّا أُخْرِجَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ اشْتِرَاطِ الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَى الْكَافِرِ غَيْرِ الْحَرْبِيِّ قُرْبَةٌ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى بِيعَةٍ فَإِذَا خُرِّبَتْ كَانَ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَكَانَ مِيرَاثًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ عِنْدَنَا كَالْوَقْفِ عَلَى الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ.
وَفِي الْقُنْيَةِ وَقَفَ الْمَجُوسِيُّ ضَيْعَةً عَلَى فُقَرَاءِ الْمَجُوسِ لَا يَجُوزُ ثُمَّ رَقَمَ بَعْدَهُ بِحَرْفِ الطَّاءِ مَجُوسِيٌّ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ مَا تَنَاسَلُوا وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْيَهُودِ أَوْ الْمَجُوس يَجُوزُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عَلَى فُقَرَاءِ الْمَجُوسِ ابْتِدَاءً اهـ.
وَفِي الْحَاوِي وَقْفُ الْمَجُوسِيِّ عَلَى بَيْتِ النَّارِ وَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي وَقْفِ الذِّمِّيِّ فَقَطْ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ قُرْبَةً عِنْدَنَا فَقَطْ كَوَقْفِهِ عَلَى الْحَجِّ وَالْمَسْجِدِ وَمَا كَانَ قُرْبَةً عِنْدَهُمْ فَقَطْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْبِيعَةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى مَسْجِدِ الْقُدْسِ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ فَيَصِحُّ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا لِكُلِّ وَقْفٍ لَزِمَ أَنْ لَا يَصِحَّ وَقْفُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحَجِّ وَالْمَسَاجِدِ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ عِنْدَنَا فَقَطْ وَلِذَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَصَحَّ وَقْفُ الذِّمِّيِّ بِشَرْطٍ إلَخْ فَجَعَلَ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لِوَقْفِ الذِّمِّيِّ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ وَكَانَ مِيرَاثًا) يُخَالِفُ مَا فِي الْخَصَّافِ وَنَصُّهُ قُلْتُ: وَكُلُّ وَقْفٍ وَقَفَهُ الذِّمِّيُّ فَجَعَلَ غَلَّةَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَجُوزُ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي عِمَارَةِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَبُيُوتِ النِّيرَانِ وَالْإِسْرَاجِ فِيهَا وَمَرَمَّتِهَا أَلَيْسَ ذَلِكَ بَاطِلًا قَالَ بَلَى قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ يَكُونُ آخِرَ غَلَّةِ هَذَا الْوَقْفِ لِلْفُقَرَاءِ قَالَ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْفُقَرَاءِ وَيَبْطُلُ مَا قَالَ فِي مَرَمَّةِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ وَبُيُوتِ النِّيرَانِ وَالْأَسْرَاجِ فِيهَا تَأَمَّلْ اهـ.
وَفِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى مَصَالِحِ بَيْعَةِ كَذَا مِنْ عِمَارَةٍ وَمَرَمَّةٍ وَأَسْرَاجٍ وَإِذَا خُرِّبَتْ وَاسْتَغْنَى عَنْهَا تَكُونُ الْغَلَّةُ لِإِسْرَاجِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ قَالَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ يَجُوزُ الْوَقْفُ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْإِسْرَاجِ أَوْ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى الْبِيعَةِ مِنْهَا شَيْءٌ. اهـ.
وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ عِنْدَنَا مُسَلَّمٌ فِي ابْتِدَائِهِ إمَّا فِي انْتِهَائِهِ فَهُوَ قُرْبَةٌ فَيُبْطِلُ غَيْرَ الْقُرْبَةِ وَيُصَحِّحُ مَا كَانَ قُرْبَةً وَهُوَ صَرْفُهُ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا عَلِمْت التَّصْرِيحَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْفُقَرَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّأْبِيدِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَيَنْبَغِي صِحَّتُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِمْ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْفَتْحِ قَالَ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى بِيعَةٍ مَثَلًا فَإِذَا خَرِبَتْ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لِلْفُقَرَاءِ ابْتِدَاءً وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ مِيرَاثًا عَنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا اهـ. تَأَمَّلْ.
وَيَظْهَرُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ هَذِهِ الْكُتُبِ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ سَقْطًا وَالْأَصْلُ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى بِيعَةٍ فَإِذَا خَرِبَتْ كَانَ آخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَكَانَ مِيرَاثًا (قَوْلُهُ كَالْوَقْفِ عَلَى الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمُعَيِّنٍ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ أَوْصَى الذِّمِّيُّ أَنْ تُبْنَى دَارُهُ مَسْجِدًا لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ أَوْ لِأَهْلِ مَحَلَّةٍ بِعَيْنِهَا جَازَ اسْتِحْسَانًا لِكَوْنِهِ وَصِيَّةً لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهَا وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِمَالٍ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ لِيَحُجَّ بِهِ لِكَوْنِهِ وَصِيَّةً لِمُعَيِّنٍ ثُمَّ إنْ شَاءَ حَجَّ بِذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ اهـ.
[وَقَفَ الْمَجُوسِيُّ ضَيْعَةً عَلَى فُقَرَاءِ الْمَجُوسِ]
(قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عَلَى فُقَرَاءِ الْمَجُوسِ ابْتِدَاءً) يُؤَيِّدُ مَا فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ نَصْرَانِيًّا مَثَلًا وَقَالَ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَهْلِ الذِّمَّةِ جَازَ صَرْفُهَا لِمَسَاكِينِ الْيَهُودِ وَالْمَجُوس لِكَوْنِهِمْ مِنْ مَسَاكِينِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَوْ عَيَّنَ مَسَاكِينَ أَهْلِ دِينِهِ تَعَيَّنُوا وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا لِغَيْرِهِمْ فَإِنْ فَرَّقَهَا الْقَيِّمُ فِي غَيْرِهِمْ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا فَرَّقَ لِمُخَالِفَتِهِ الشَّرْطَ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِلَّةً وَاحِدَةً لِتَعَيُّنِ الْوَقْفِ بِمَنْ يُعَيِّنُهُ الْوَاقِفُ.