بِدُونِ أَمْرِهِ فَلَا يَصْلُحُ نَائِبًا عَنْهُ أَشَارَ بِالثَّلَاثَةِ إلَى أَنَّ أَخْذَ كُلِّ شَيْءٍ مُبَاحٌ كَالِاحْتِشَاشِ وَاجْتِنَاءِ الثِّمَارِ مِنْ الْجِبَالِ وَالتَّكَدِّي وَسُؤَالِ النَّاسِ وَنَقْلِ الطِّينِ وَبَيْعِهِ مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ الْجِصِّ أَوْ الْمِلْحِ أَوْ الثَّلْجِ أَوْ الْكُحْلِ أَوْ الْمَعْدِنِ أَوْ الْكُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَبْنِيَا مِنْ طِينٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ أَوْ يَطْبُخَا آجُرًّا، وَلَوْ كَانَ الطِّينُ مَمْلُوكًا أَوْ سَهْلَةَ الزُّجَاجِ فَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا وَيَطْبُخَا وَيَبِيعَا جَازَ وَهُوَ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَذَكَرَ الْبَزَّازِيُّ أَنَّهَا شَرِكَةُ الْوُجُوهِ.
(قَوْلُهُ: وَالْكَسْبُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ مَا لِلْآخَرِ) لِوُجُودِ السَّبَبِ مِنْهُ وَهُوَ الْأَخْذُ وَالْإِحْرَازُ أَفَادَ أَنَّهُمَا لَوْ أَخَذَاهُ مَعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ شَيْئًا فَهُوَ لِلْعَامِلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلِكُلٍّ مَا أَخَذَ وَإِنْ أَخَذَاهُ مُنْفَرِدَيْنِ وَخَلَطَا وَبَاعَا قُسِمَ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمِقْدَارَ صُدِّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى النِّصْفِ وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَعَبَّرَ بِمَا الْمُفِيدَةِ لِلْعُمُومِ لِيَشْمَلَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ كَمَا إذَا سَاعَدَهُ بِالْقَلْعِ وَجَمَعَهُ الْآخَرُ أَوْ قَلَعَهُ وَحَمَلَهُ الْآخَرُ فَلِلْمُعِينِ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ ثَمَنِ ذَلِكَ وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ لِلْآخَرِ بَغْلٌ أَوْ رَاوِيَةٌ فَإِنَّ كَسْبَ الْمَاءِ لِلَّذِي اسْتَقَى وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الرَّاوِيَةِ إنْ كَانَ الْمُسْتَقِي صَاحِبَ الْبَغْلِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ الرَّاوِيَةِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْبَغْلِ وَمَا إذَا دَفَعَ لَهُ شَبَكَةً لِيَصِيدَ بِهَا السَّمَكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ وَلِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ أَجْرُ مِثْلِهَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَكَا فِي الِاصْطِيَادِ وَنَصَبَا شَبَكَةً أَوْ أَرْسَلَا كَلْبًا لَهُمَا فَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا، وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا وَأَرْسَلَا، فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ إرْسَالَ غَيْرِ الْمَالِكِ مَعَ الْمَالِكِ لَا يُعْتَبَرُ وَإِنْ أَصَابَ أَحَدُ الْكَلْبَيْنِ صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْآخَرُ فَالصَّيْدُ لِمَنْ أَثْخَنَهُ كَلْبُهُ لِإِخْرَاجِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ صَيْدًا وَإِنْ أَثْخَنَاهُ فَبَيْنَهُمَا أَنْصَافًا لِلِاشْتِرَاكِ فِي السَّبَبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ بِقَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ شُرِطَ الْفَضْلُ) لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهِ تَابِعٌ لِلْمَالِ فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ كَمَا أَنَّ الرَّيْعَ تَابِعٌ لِلزَّرْعِ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَالزِّيَادَةُ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالتَّسْمِيَةِ، وَقَدْ فَسَدَتْ فَبَقِيَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَفَادَ بِقَوْلِهِ بِقَدْرِ الْمَالِ أَنَّهَا شَرِكَةٌ فِي الْأَمْوَالِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَالٌ وَكَانَتْ فَاسِدَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ دَفَعَ دَابَّتَهُ إلَى رَجُلٍ يُؤَاجِرُهَا عَلَى أَنَّ الْأَجْرَ بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَالْأَجْرُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَكَذَلِكَ السَّفِينَةُ وَالْبَيْتُ، وَلَوْ دَفَعَ دَابَّتَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَبِيعَ عَلَيْهَا الْبُرَّ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا فَالرِّبْحُ لِصَاحِبِ الْبُرِّ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَجْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الدَّابَّةِ لَا تَصْلُحُ مَالًا لِلشَّرِكَةِ كَالْعُرُوضِ، وَلَوْ اشْتَرَكَا وَلِأَحَدِهِمَا دَابَّةٌ وَلِلْآخَرِ إكَافٌ وَجُوَالِقٌ عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَ الدَّابَّةَ وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَكَانَتْ بِمَعْنَى الشَّرِكَةِ فِي الْعُرُوضِ فَإِنَّ أَجْرَ الدَّابَّةِ مَعَ الْجُوَالِقِ وَالْإِكَافِ، فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلِلدَّخِيلِ مَعَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلَوْ اشْتَرَكَا وَلِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ بَعِيرٌ عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَاهُمَا وَالْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا لَا تَصِحُّ فَإِنْ أَجَّرَاهُمَا قُسِمَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَوْ سَهْلَةُ الزُّجَاجِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الطِّينِ أَيْ أَوْ كَانَتْ سَهْلَةُ الزُّجَاجِ مَمْلُوكَةً
(قَوْلُهُ: وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ دَفَعَ دَابَّتَهُ إلَى رَجُلٍ إلَخْ) أَقُولُ: لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الدَّابَّةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إذَا دَفَعَهَا أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيَعْمَلَ عَلَيْهَا وَمَا حَصَلَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثَانِ لِلْعَامِلِ وَالثُّلُثُ لِلْآخَرِ وَلَا شَكَّ فِي فَسَادِ الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ كَالْعُرُوضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ فَكَمَا لَا تَصِحُّ فِي الْعُرُوضِ لَا تَصِحُّ فِيهَا، وَإِذَا قُلْنَا بِفَسَادِهَا فَالْأَجْرُ مَقْسُومٌ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا لِلْعَامِلِ مِنْهُمَا أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَا يُشْبِهُ الْعَمَلَ فِي الْمُشْتَرَكِ حَتَّى نَقُولَ لَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيمَا يُحْمَلُ وَهُوَ لِغَيْرِهِمَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَهَذِهِ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ بِبِلَادِنَا وَغَيْرِهَا وَأَنَا فِي عَجَبٍ مِنْ سُكُوتِهِمْ عَنْهَا، وَإِنْ أُخِذَتْ مِنْ فَحْوَى كَلَامِهِمْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَإِنْ اشْتَرَكَا وَلِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ بَعِيرٌ عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَا ذَلِكَ فَمَا رَزَقَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ شَرِكَةٌ وَقَعَتْ عَلَى إجَارَةِ الدَّوَابِّ لَا تَقْبَلُ الْعَمَلَ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ هَذَا أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ بِعْ مَنَافِعَ دَابَّتِك لِيَكُونَ ثَمَنُهُ بَيْنَنَا، وَلَوْ صَرَّحَا بِهَذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً، ثُمَّ إذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فَبَعْدَ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَابَّتَهُ خَاصَّةً كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجْرُ دَابَّتِهِ خَاصَّةً كَمَا قَبْلَ الشَّرِكَةِ، وَإِنْ أَجَّرَاهُمَا بِأَعْيَانِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَشْتَرِطَا فِي الْإِجَارَةِ عَمَلَ أَحَدِهِمَا كَانَ الْأَجْرُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ أَجْرِ مِثْلِ دَابَّتِهِمَا كَمَا قَبْلَ الشَّرِكَةِ، وَإِنْ أَجَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَابَّتَهُ وَشَرَطَا عَمَلَهُمَا فِي الدَّابَّةِ أَوْ عَمَلَ أَحَدِهِمَا مِنْ السُّوقِ وَالْحَمْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَانَ الْأَجْرُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ أَجْرِ مِثْلِ دَابَّتِهِمَا وَعَلَى مِقْدَارِ أَجْرِ عَمَلِهِمَا كَمَا قَبْلَ الشَّرِكَةِ