يَرْبَحُهُ الْآخَرُ رِبْحَ مَا هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَلَا تَحْصُلُ جَهَالَةٌ فِي رَأْسِ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ بِالْحِرْزِ فَتَقَعُ الْجَهَالَةُ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْمَالِ شَرِيكَانِ فِيهِ فَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ كُلُّ مَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَفِي قَوْلِهِ وَعَقَدَا الشَّرِكَةَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ بِالْبَيْعِ صَارَتْ شَرِكَةَ مِلْكٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ، ثُمَّ بِالْعَقْدِ بَعْدَهُ صَارَتْ شَرِكَةَ عَقْدٍ فَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَصَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ هَذَا شَرِكَةُ مِلْكٍ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْإِشَارَةَ عَائِدَةٌ إلَى الْكُلِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هِيَ عَائِدَةٌ إلَى الْبَيْعِ فَقَطْ وَأَطْلَقَ فِي قِيمَةِ مُبْتَاعَيْهِمَا وَقَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ تَسْتَوِيَ الْقِيمَتَانِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ بِقَدْرِ مَا تَثْبُتُ بِهِ الشَّرِكَةُ وَأَوْضَحَهُ فِي النِّهَايَةِ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ عَرْضِ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ عَرْضِ الْآخَرِ مِائَةً فَإِنَّهُ يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ عَرْضِهِ بِخُمُسِ عَرْضِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ الْمَتَاعُ كُلُّهُ أَخْمَاسًا وَيَكُونُ الرِّبْحُ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالَيْهِمَا. اهـ.

وَرَدَّهُ فِي التَّبْيِينِ بِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ الْآخَرِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَتُهَا حَتَّى يَصِيرَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَا الْعَكْسُ جَائِزٌ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةً فَبَاعَاهُ عَلَى التَّفَاوُتِ بِأَنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا رُبُعَ مَالِهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مَالِ الْآخَرِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ بَاعَ نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ الْآخَرِ وَقَعَ اتِّفَاقًا أَوْ قَصْدًا لِيَكُونَ شَامِلًا لِلْمُفَاوَضَةِ وَالْعَنَانِ؛ لِأَنَّ الْمُفَاوَضَةَ شَرْطُهَا التَّسَاوِي بِخِلَافِ الْعَنَانِ وَقَوْلُهُ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ وَقَعَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ عَقَدَ الشَّرِكَةَ فِي الْعَرْضِ الَّذِي بَاعَهُ جَازَ أَيْضًا اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِيهِ شَرِكَةَ عَنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ جَازَ. اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَعَامٌ فَاشْتَرَكَا بِمَالَيْهِمَا وَخَلَطَاهُمَا وَأَحَدُهُمَا أَجْوَدُ مِنْ الْآخَرِ فَالشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ وَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ حِينَ خَلَطَهُ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ نَصَّ فِي هَذَا الْكِتَابِ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْجَيِّدِ وَقِيمَةِ الرَّدِيءِ يَوْمَ بَاعَا اهـ. هَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ شَرِكَةَ مِلْكٍ لَا عَقْدٍ

قَوْلُهُ (: وَعَنَانٌ إنْ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً فَقَطْ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مُفَاوَضَةٍ بَيَانٌ لِلنَّوْعِ الثَّانِي مِنْ شَرِكَةِ الْعَقْدِ، وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهَا عَلَى وَزْنِ كِتَابٍ فِي الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ دُونَ سَائِرِ مَالِهِمَا أَوْ هُوَ أَنْ يُعَارِضَ رَجُلًا بِالشِّرَاءِ فَيَقُولَ أَشْرِكْنِي مَعَك أَوْ هُوَ أَنْ يَكُونَا سَوَاءً فِي الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ عَنَانَ الدَّابَّةِ طَاقَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ. اهـ.

وَإِنَّمَا انْعَقَدَتْ عَلَى الْوَكَالَةِ لِتَحْقِيقِ مَقْصُودِهِ كَمَا بَيَّنَّا وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَقَطْ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُشْتَقٌّ مِنْ الِاعْتِرَاضِ، يُقَالُ عَنَّ لَهُ أَيْ اعْتَرَضَ، وَهَذَا لَا يُنْبِئُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَحُكْمُ التَّصَرُّفِ لَا يَثْبُتُ بِخِلَافِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا لَوْ عَقَدَاهَا عَلَى الْكَفَالَةِ لَا تَكُونُ عَنَانًا لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ بَاقِي شُرُوطِ الْمُفَاوَضَةِ مُتَوَفِّرَةً فَحِينَئِذٍ تَكُونُ مُفَاوَضَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَوَفِّرَةً يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَنَانًا وَأَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْكَفَالَةِ أَنَّ ذِكْرَ الْكَفَالَةِ فِيهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ لَا أَنَّ عَدَمَ ذِكْرِهَا شَرْطٌ لَكِنْ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، ثُمَّ هَلْ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْعَنَانَ مُعْتَبَرٌ فِيهَا عَدَمُ الْكَفَالَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا عَدَمُ اعْتِبَارِ الْكَفَالَةِ لَا اعْتِبَارُ عَدَمِهَا فَتَصِحُّ عَنَانًا، ثُمَّ كَفَالَةُ الْآخَرِ زِيَادَةٌ عَلَى نَفْس الشَّرِكَةِ كَمَا أَنَّهَا تَكُونُ عَنَانًا مَعَ الْعُمُومِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الثَّابِتَ فِيهَا عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعُمُومِ لَا اعْتِبَارُ عَدَمِ الْعُمُومِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يُرَجَّحُ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَفَالَةَ لِمَجْهُولٍ فَلَا تَصِحُّ إلَّا ضِمْنًا فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مِمَّا تَضْمَنُهَا الشَّرِكَةُ لَمْ يَكُنْ ثُبُوتُهَا إلَّا قَصْدًا فَلَا تَصِحُّ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلِكَوْنِهَا لَا تَقْتَضِي الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ مِمَّنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْكَفَالَةِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَاعَ كُلَّ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ وَعَقَدَا الشَّرِكَةَ]

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا هِيَ عَائِدَةٌ إلَى الْبَيْعِ فَقَطْ) قَالَ فِي النَّهْرِ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْعَرْضَ لَا يَصْلُحُ مَالَ الشَّرِكَةِ.

(قَوْلُهُ: هَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ شَرِكَةَ مِلْكٍ لَا عَقْدٍ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَالْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِ الْمُحِيطِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَفِي النَّهْرِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فِي الْمُحِيطِ وَالثَّانِي بِالْقَوَاعِدِ أَلْيَقُ.

[شَرِكَة الْعَنَان]

(قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَنَانًا) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَكُونُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْكَفَالَةَ بِخِلَافِ الْمُفَاوَضَةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يُرَجَّحُ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ كَانَتْ لِمَجْهُولٍ وَلَيْسَتْ ضِمْنًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعَنَانَ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْتَضِي الْكَفَالَةَ أَيْ لَا تَسْتَلْزِمُهَا لِعَدَمِ مَا يُوجِبُهَا فَذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَدَمَ لُزُومِهَا فِيهَا مَعَ التَّصْرِيحِ بِهَا، بَلْ هِيَ جَائِزَةٌ فِيهَا فَثَبَتَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015