مِثْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ إذْنَ الْقَاضِي إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا يَكْفِي الْإِشْهَادُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ لِلْمُلْتَقَطِ عَلَيْهِ نِكَاحٌ وَبَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) أَمَّا النِّكَاحُ فَلِانْعِدَامِ سَبَبِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ وَالسَّلْطَنَةِ وَأَمَّا تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُمِّ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ لِتَثْمِيرِ الْمَالِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالرَّأْيِ الْكَامِلِ وَالشَّفَقَةِ الْوَافِرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا وَالْمَوْجُودُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدُهُمَا وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ فَرِوَايَةُ الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يُؤَجِّرُهُ وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَرَاهِيَةِ وَهِيَ الْأَصَحُّ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى تَثْقِيفِهِ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إتْلَافَ مَنَافِعِهِ فَأَشْبَهَ الْعَمَّ بِخِلَافِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا تَمْلِكُ الِاسْتِخْدَامَ فَتَمْلِكُ الْإِجَارَةَ وَقَدَّمْنَا أَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ لِلسُّلْطَانِ وَأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ لِلْمُلْتَقِطِ جَازَ وَفِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لَوْ قَرَّرَ الْقَاضِي وَلَاءً لِلْمُلْتَقِطِ صَحَّ التَّقْرِيرُ (قَوْلُهُ وَيُسَلِّمُهُ فِي حِرْفَةٍ) لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَثْقِيفِهِ وَحِفْظِ مَالِهِ وَالْحِرْفَةُ الصَّنْعَةُ وَالتَّثْقِيفُ تَقْوِيمُ الْمُعْوَجِّ بِالثِّقَافِ وَهُوَ مَا يُسَوَّى بِهِ الرِّمَاحُ وَيُسْتَعَارُ لِلتَّأْدِيبِ وَالتَّهْذِيبِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَيَقْبِضُ هِبَتَهُ) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ وَلِهَذَا يَمْلِكُهُ الصَّغِيرُ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ عَاقِلًا وَتَمْلِكُهُ الْأُمُّ وَوَصِيُّهَا وَلَمْ يَذْكُرْ خِتَانَهُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتِنَهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهَلَكَ كَانَ ضَامِنًا اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ أَمَرَ الْمُلْتَقِطُ الْخَتَّانَ فَخَتَنَهُ ضَمِنَ الْمُلْتَقِطُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ خِتَانِهِ فَصَارَ بِهَذَا الْأَمْرِ جَانِيًا وَلَا يَضْمَنُ الْخِتَانَ قِيلَ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْخِتَانَ بِكَوْنِهِ مُلْتَقِطًا فَإِنْ عَلِمَ ضَمِنَ اهـ.
وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَهُ وِلَايَةُ نَقْلِهِ إلَى حَيْثُ شَاءَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ مِنْ مِصْرَ إلَى قَرْيَةٍ أَوْ بَادِيَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
وَجْهُ تَأْخِيرِهَا ظَاهِرٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ لَقَطَهُ أَخَذَهُ مِنْ الْأَرْضِ فَهُوَ مَلْقُوطٌ وَاللُّقَطَةُ مُحَرَّكَةٌ كَهُمَزَةٍ مَا اُلْتُقِطَ اهـ.
وَفِي الْمُغْرِبِ اللُّقَطَةُ الشَّيْءُ الَّذِي تَجِدُهُ مُلْقًى فَتَأْخُذُهُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَلَمْ أَسْمَعْ اللُّقَطَةَ بِالسُّكُونِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هِيَ فُعَّلَةٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَصْفُ مُبَالَغَةٍ لِلْفَاعِلِ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ وَلُعَنَةٍ وَضُحَكَةٍ لِلْكَثِيرِ الْهَمْزِ وَغَيْرِهِ وَبِسُكُونِهَا لِلْمَفْعُولِ كَضُحْكَةٍ وَهَمْزَةٍ لِلَّذِي يُضْحَكُ مِنْهُ وَيُهْزَأُ بِهِ.
وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْمَالِ لُقَطَةً بِالْفَتْحِ لِأَنَّ طَابِعَ النُّفُوسِ تَتَبَادَرُ إلَى الْتِقَاطِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ فَصَارَ الْمَالُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَاعٍ إلَى أَخْذِهِ لِمَعْنًى فِيهِ نَفْسِهِ كَأَنَّهُ الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطُ مَجَازًا وَإِلَّا فَحَقِيقَتُهُ الْمُلْتَقِطُ الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطُ وَمَا عَنْ الْأَصْمَعِيِّ وَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْقَافِ اسْمٌ لِلْمَالِ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا يَعْنِي يُطْلَقُ الِالْتِقَاطُ عَلَى الْمَالِ أَيْضًا اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الشَّارِحِينَ تَعْرِيفَهَا اصْطِلَاحًا وَعَرَّفَهَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مَعْزِيًّا إلَى الْمُضْمَرَاتِ بِأَنَّهَا مَالٌ يُوجَدُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ وَلَيْسَ بِمُبَاحٍ اهـ.
فَخَرَجَ مَا عُرِفَ مَالِكُهُ فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ لَا لُقَطَةٌ وَلِأَنَّ حُكْمَهَا التَّعْرِيفُ وَهَذَا لَا يُعَرَّفُ بَلْ يُدْفَعُ إلَى مَالِكِهِ وَخَرَجَ بِالْأَخِيرِ مَالُ الْحَرْبِيِّ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا كَانَ مُحْرَزًا بِمَكَانٍ أَوْ حَافِظٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ لُقَطَةٌ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّعْرِيفِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ مَالٌ مَعْصُومٌ مُعَرَّضٌ لِلضَّيَاعِ وَعَرَّفَهَا فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهَا رَفْعُ شَيْءٍ ضَائِعٍ لِلْحِفْظِ عَلَى الْغَيْرِ لَا لِلتَّمْلِيكِ وَجَعَلَ عَدَمَ الْحَافِظِ لَهَا مِنْ شَرَائِطِهَا ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْبَابِ أَخَذَ الثَّوْبَ مِنْ السَّكْرَانِ الْوَاقِعِ النَّائِمِ عَلَى الْأَرْضِ لِيَحْفَظَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَتَاعٌ ضَائِعٌ كَاللُّقَطَةِ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ كَانَتْ دَرَاهِمُهُ فِي كُمِّهِ فَأَخَذَهَا لِيَحْفَظَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِضَائِعٍ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِمَالِكِهِ اهـ.
وَالْكَلَامُ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ فِي الِالْتِقَاطِ وَالْمُلْتَقِطِ وَاللُّقَطَةِ أَمَّا الْأَوَّلُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ خَافَ ضَيَاعَهَا يُفْتَرَضُ الرَّفْعُ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ يُبَاحُ رَفْعُهَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ وَالْأَفْضَلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ) قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ أَيْ لِيَأْخُذَ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ اعْتِبَارًا بِالْعَمِّ بِخِلَافِ الْأُمِّ فَإِنَّ لَهَا إجَارَتَهُ اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ الَّذِي يَظْهَرُ حَمْلُ الْمَنْعِ مِنْ إجَارَتِهِ عَلَى مَا إذَا أَجَّرَهُ الْمُلْتَقِطُ لِتَكُونَ الْأُجْرَةُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ لِلَّقِيطِ وَمَا سَبَقَ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ وَكَذَا تَعْلِيلُهُمْ الْمَنْعَ بِإِتْلَافِ الْمَنَافِعِ يُشِيرُ إلَيْهِ أَيْضًا فَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ مَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ.
[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]
(قَوْلُهُ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا كَانَ مُحَرَّزًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْحِرْزُ بِالْمَكَانِ وَنَحْوِهِ خَرَجَ بِقَوْلِهِ يُوجَدُ أَيْ فِي الْأَرْضِ ضَائِعًا إذْ لَا يُقَالُ فِي الْمُحْرَزِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمُحِيطِ جَعَلَ عَدَمَ الْإِحْرَازِ مِنْ شَرَائِطِهَا