مَوْقُوفٌ اتِّفَاقًا فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِهِ لَقِيطًا أَوْ لُقَطَةً وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ بَابِ الِاسْتِيلَادِ الْجَدُّ إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِ ابْنِهِ وَالْأَبُ مُرْتَدٌّ فَادَّعَاهُ الْجَدُّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَمْ تَصْلُحْ دَعْوَى الْجَدِّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَوْقُوفَةٌ فَإِنْ أَسْلَمَ الْأَبُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَى الْجَدِّ وَإِنْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحُكِمَ بِلِحَاقِهِ تَصِحُّ اهـ.
وَهَذِهِ لَا تُرَدُّ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهَا تَصَرُّفُ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْجَدُّ لَا تَصَرُّفُ الْمُرْتَدِّ وَقَيَّدَ بِالْمُرْتَدِّ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدَّةِ نَافِذَةٌ عِنْدَ الْكُلِّ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ مَعَ بَيَانِ تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ الْمُرْتَدِّ وَأَطْلَقَ الْهَلَاكَ فَشَمِلَ الْحَقِيقِيَّ بِالْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ وَالْحُكْمِيَّ بِالْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَعَبَّرَ بِالْإِيمَانِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ آمَنَ وَأَرَادَ الْإِسْلَامَ فَإِنَّهُ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ فَإِنَّهُ الِانْقِيَادُ الظَّاهِرُ الَّذِي تُبْتَنَى عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا بَعْدَ الْحُكْمِ بِلِحَاقِهِ فَمَا وَجَدَهُ فِي يَدِ وَارِثِهِ أَخَذَهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ قَائِمًا فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا يَخْلُفُهُ فِيهِ لِاسْتِغْنَائِهِ وَإِذَا عَادَ مُسْلِمًا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَحْيَا اللَّهُ مَيِّتًا حَقِيقَةً وَأَعَادَهُ إلَى دَارِ الدُّنْيَا كَانَ لَهُ أَخْذُ مَا فِي يَدِ وَرَثَتِهِ وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا لَا فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ هَالِكًا أَوْ أَزَالَهُ الْوَارِثُ عَنْ مِلْكِهِ وَهُوَ قَائِمٌ سَوَاءٌ كَانَ بِسَبَبٍ يَقْبَلُ الْفَسْخَ كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ يَقْبَلُهُ كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَاسْتِيلَادٍ فَإِنَّهُ يَمْضِي وَلَا عَوْدَ لَهُ فِيهِ وَلَا يَضْمَنُهُ وَشَمِلَ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِ وَارِثِهِ أَصْلًا كَمُدَبَّرِيهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِمْ بِسَبَبِ الْحُكْمِ بِلِحَاقِهِ فَإِنَّهُمْ لَا يَعُودُونَ فِي الرِّقِّ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِعِتْقِهِمْ قَدْ صَحَّ بِدَلِيلٍ مُصَحِّحٍ لَهُ وَالْعِتْقُ بَعْدَ نَفَاذِهِ لَا يَقْبَلُ الْبُطْلَانَ وَوَلَاؤُهُمْ لِمَوْلَاهُمْ أَعْنِي الْمُرْتَدَّ الَّذِي عَادَ مُسْلِمًا وَكَذَلِكَ مُكَاتَبُهُ إذَا كَانَ أَدَّى الْمَالَ إلَى الْوَرَثَةِ لَا سَبِيلَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ عَتَقَ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَالْعِتْقُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَمَا أَدَّى إلَى الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُمْ عَنْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤَدِّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ يَأْخُذُهَا مِنْهُ وَإِنْ عَجَزَ عَادَ رَقِيقًا لَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا عَادَ مُسْلِمًا بَعْدَ الْحُكْمِ بِحَلِّ دُيُونِهِ وَعِتْقِ مُدَبَّرِيهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُبْطِلَ شَيْئًا إلَّا شَيْئَانِ الْأَوَّلُ الْمِيرَاثُ يُبْطِلُهُ وَيَسْتَرِدُّ مَالَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَالثَّانِي إذَا كَاتَبَ وَرَثَتُهُ عَبْدًا مِنْ مَالِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَمَا أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهَا فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ الْكِتَابَةَ اهـ.
وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَأْخُذُ مَا فِي يَدِ الْوَارِثِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضًا وَالْمَنْقُولَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَمَا كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْوَرَثَةِ إنَّمَا يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا فَإِنَّهُ ذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ وَارِثَ الْمُرْتَدِّ إذَا تَصَرَّفَ فِي الْمَالِ الَّذِي وَرِثَهُ بَعْدَمَا عَادَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا نَفَذَ تَصَرُّفُهُ اهـ.
وَجَزَمَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِطَرِيقِهِ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ طَرِيقُهُ عَوْدُهُ مُسْلِمًا فَإِنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ عَلَى الْمُوجِبِ لِدُخُولِ الْحُكْمِ بِخِلَافَتِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ حُكْمًا وَقَدْ بَطَلَتْ فَبَطَلَ مَا ابْتَنَى عَلَيْهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ كَسْبَ رِدَّتِهِ فَيْءٌ بَعْدَ الْحُكْمِ بِلِحَاقِهِ كَمَوْتِهِ حَقِيقَةً لَكِنْ لَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا عَادَ مُسْلِمًا وَوَجَدَ كَسْبَ رِدَّتِهِ قَائِمًا عِنْدَ الْإِمَامِ فَهَلْ يَسْتَرِدُّهُ كَمَا يَسْتَرِدُّ مِنْ وَارِثِهِ كَسْبَ إسْلَامِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّهُ لِأَنَّ أَخْذَهُ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ بَلْ لِكَوْنِهِ مَالَ حَرْبِيٍّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَصَارَ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَسْتَرِدُّهُ كَمَا أَنَّ الْحَرْبِيَّ الْحَقِيقِيَّ لَا يَسْتَرِدُّ مَالَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِلِحَاقِهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ مُسْلِمًا قَبْلَهُ فَحُكْمُهُ كَمَا إذَا لَمْ يَرْتَدَّ فَلَا يُعْتِقُ مُدَبَّرَهُ وَأُمَّ وَلَدِهِ وَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهَا أَيْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ بِهِ أَيْ بِالتَّسْلِيمِ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مُرْتَدٍّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ) نَظَمَهَا الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ
وَبِاتِّفَاقٍ صَحَّ دَعْوَى وَلَدِهْ ... كَذَا طَلَاقُهُ وَحَجْرُ عَبْدِهِ
وَهَكَذَا قَبُولُهُ لِهِبَتِهْ ... وَهَكَذَا تَسْلِيمُهُ لِشُفْعَتِهْ
وَبَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ نَكْحُهُ ... وَهَكَذَا مِيرَاثُهُ وَذَبْحُهُ
وَأَوْقَفُوا مُفَاوَضَاتِ شِرْكَتِهْ ... تَصْرِيفُهُ لِطِفْلِهِ وَطِفْلَتِهْ
انْتَهَى وَلَعَلَّهُ سَقَطَ بَيْتٌ إذْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْبَاطِلَ بِأَقْسَامِهِ الْخَمْسَةِ وَقَدْ غَيَّرْت بَيْتَهُ الثَّالِثَ فَقُلْت وَبَاطِلٌ نِكَاحُهُ شَهَادَتُهُ وَصَيْدُهُ وَارِثه ذَبِيحَتُهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْتِقَاطِهِ لَقِيطًا) أَوْ لُقَطَةً قَالَ فِي النَّهْرِ وَبَقِيَ إيدَاعُهُ وَاسْتِيدَاعُهُ وَأَمَانُهُ وَعَقْلُهُ وَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ صِحَّةِ أَمَانِهِ إذْ أَمَانُ الذِّمِّيِّ يَصِحُّ فَهَذَا أَوْلَى وَكَذَا عَقْلُهُ لِأَنَّ التَّنَاصُرَ لَا يَكُونُ بِالْمُرْتَدِّ وَأَمَّا الْتِقَاطُهُ وَلُقَطَتُهُ وَإِيدَاعُهُ وَاسْتِيدَاعُهُ فَلَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِي جَوَازِهَا مِنْهُ.
(قَوْلُهُ وَالثَّانِي إذَا كَاتَبَ إلَخْ) سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ كَمَا يُنَبَّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ طَرِيقُهُ عَوْدُهُ مُسْلِمًا) قَالَ فِي النَّهْرِ مَمْنُوعٌ اهـ.
(قَوْلُهُ فَحُكْمُهُ كَمَا إذَا لَمْ يَرْتَدَّ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ فِي مَالِهِ بِنَفْسِهِ بَعْدَ لِحَاقِهِ فَفِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَلَوْ لَحِقَ فَلَمْ يُقْضَ بِلِحَاقِهِ حَتَّى أَعْتَقَ عَبْدَهُ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ كَانَ مَعَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ رَجَعَ تَائِبًا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ فَمَالُهُ مَرْدُودٌ