مِلْكِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَا الْمُرْتَدُّ إذَا لَمْ يُقْتَلْ وَهُوَ مَنْ كَانَ فِي إسْلَامِهِ شُبْهَةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ بِجَامِعِ عَدَمِ الْقَتْلِ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَفِي الزِّيَادَاتِ الْمُرْتَدَّةُ إذَا تَصَرَّفَتْ إنْ كَانَ تَصَرُّفًا يَنْفُذُ مِنْ الْمُسْلِمِ يَنْفُذُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا لَا يَنْفُذُ مِنْ الْمُسْلِمِ لَكِنْ يَصِحُّ مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِلَّةٍ انْتَحَلَتْ إلَيْهَا كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى نَفَذَ تَصَرُّفَاتُهَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَصِحُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِحُّ مِنْهَا إلَّا مَا يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَثَمَرَتُهُ فِي بَيْعِهَا الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ عَنْ مَالِهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحُرِّ فَلَا يَزُولُ مَا مَلَكَهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ الْيَدِ بِرِدَّتِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَتَصَرُّفَاتُ الْمُكَاتَبِ فِي رِدَّتِهِ نَافِذَةٌ فِي قَوْلِهِمْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَرِثَ كَسْبَ إسْلَامِهِ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِ إسْلَامِهِ وَكَسْبُ رِدَّتِهِ فَيْءٌ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِ رِدَّتِهِ) بَيَانٌ لِمِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ بَعْدَ مَوْتِهِ حَقِيقَةً وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَانَ كَسْبًا لَهُ زَمَنَ إسْلَامِهِ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ اتِّفَاقًا وَلَا يَكُونُ فَيْئًا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا وَالْمُسْلِمُ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ وَهُوَ مَالٌ حَرْبِيٌّ لَا أَمَانَ لَهُ فَكَانَ فَيْئًا وَلَنَا أَنَّ مِلْكَهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ بَاقٍ فَيَنْتَقِلُ بِمَوْتِهِ إلَى وَرَثَتِهِ مُسْتَنِدًا إلَى مَا قُبَيْلَ رِدَّتِهِ إذْ الرِّدَّةُ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ فَيَكُونُ تَوْرِيثُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالِاسْتِنَادُ لَازِمٌ لَهُ عَلَى قَوْلِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا لِأَنَّ أَخْذَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ بِطَرِيقِ الْوِرَاثَةِ وَهُوَ يُوجِبُ الْحُكْمَ بِاسْتِنَادِهِ شَرْعًا إلَى مَا قُبَيْلَ رِدَّتِهِ وَإِلَّا كَانَ تَوْرِيثًا لِلْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَمَحْمَلُ الْحَدِيثِ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهُ إسْلَامٌ فَسَاوَتْ قَرَابَتُهُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ فَتَرَجَّحَتْ قَرَابَتُهُ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاسْتَدَلَّ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا قَتَلَ الْمُسْتَوْرِدَ الْعِجْلِيّ بِالرِّدَّةِ قَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَكَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ فَكَانَ إجْمَاعًا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَارِثُهُ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وُجُودُ الْوَارِثِ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ أَوْ الْحُكْمِ بِاللِّحَاقِ وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ لِأَنَّ الْحَادِثَ بَعْدَ انْعِقَادِ السَّبَبِ قَبْلَ تَمَامِهِ كَالْحَادِثِ قَبْلَ انْعِقَادِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ الْحَادِثِ مِنْ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ فِيهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ.
وَحَاصِلُهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ أَنَّ عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ يُشْتَرَطُ الْوَصْفَانِ وَهُمَا كَوْنُهُ وَارِثًا وَقْتَ الرِّدَّةِ وَكَوْنُهُ بَاقِيًا إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ حَتَّى لَوْ كَانَ وَارِثًا وَقْتَ الرِّدَّةِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُرْتَدِّ أَوْ حَدَثَ وَارِثٌ بَعْدَ الرِّدَّةِ فَإِنَّهُمَا لَا يَرِثَانِ وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ يُشْتَرَطُ الْوَصْفُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي وَعَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ يُشْتَرَطُ الْوَصْفُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ اهـ.
فَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ كَانَ مَنْ بِحَيْثُ يَرِثُهُ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا يَوْمَ ارْتَدَّ فَعَتَقَ بَعْدَ الرِّدَّةِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ أَوْ يَلْحَقَ أَوْ أَسْلَمَ وَرِثَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَذَا لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ عُلُوقٍ حَادِثٍ بَعْدَ الرِّدَّةِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا تَبَعًا لِأُمِّهِ بِأَنْ عَلِقَ مِنْ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ لَهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ مُسْلِمٌ ارْتَدَّ أَبُوهُ فَمَاتَ الِابْنُ وَلَهُ مُعْتِقٌ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَلَهُ مُعْتِقٌ مُسْلِمٌ فَإِنَّ مِيرَاثَ الْأَبِ لِمُعْتِقِهِ لَا لِمُعْتِقِ ابْنِهِ لِأَنَّ الِابْنَ إنَّمَا يَرِثُ مِنْ أَبِيهِ الْمُرْتَدِّ عِنْدَ مَوْتِ الْمُرْتَدِّ فَإِذَا مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ لَمْ يَرِثْهُ الِابْنُ اهـ.
وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عَلَيْهَا فَالْمَالُ لِمُعْتِقِ الِابْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَأَطْلَقَ الْوَارِثَ فَشَمِلَ الْمَرْأَةَ فَتَرِثُهُ امْرَأَتُهُ الْمُسْلِمَةُ إذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فَارًّا إنْ كَانَ صَحِيحًا وَقْتَ الرِّدَّةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ بِالرِّدَّةِ كَأَنَّهُ مَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ بِاخْتِيَارِهِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ ثُمَّ هُوَ بِإِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ مُخْتَارًا فِي الْإِصْرَارِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْقَتْلِ حَتَّى قُتِلَ بِمَنْزِلَةِ الْمُطْلَقِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ يَمُوتُ قَتْلًا أَوْ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ بِلِحَاقِهِ فَيَثْبُتُ حُكْمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [مِلْكُ الْمُرْتَدِّ]
قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ تَوْرِيثًا لِلْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ) كَذَا رَأَيْته فِي الْفَتْحِ وَالْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلَهُ فَسَاوَتْ قَرَابَتُهُ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ) كَذَا فِي النَّسْخِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ قَبْلَ هَذَا كَلَامٌ وَعِبَارَةُ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمَحْمَلُ الْحَدِيثِ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهُ إسْلَامٌ أَوْ نَقُولُ اسْتِحْقَاقُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ وَالْوَرَثَةِ سَاوَوْا الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ وَتُرَجَّحُوا بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ أَوْ الْحُكْمِ بِلِحَاقِهِ) سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَتُوقَفُ مُبَايَعَتُهُ إلَخْ أَنَّ اعْتِبَارَ كَوْنِهِ وَارِثًا عِنْدَ الْحُكْمِ بِاللِّحَاقِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا اعْتَبَرَ وَقْتَ اللِّحَاقِ تَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُعْتَبَرُ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ يَوْمَ لِحَاقِهِ ثُمَّ قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يُعْتَبَرُ مَنْ كَانَ وَارِثًا لَهُ يَوْمَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ وَالْأَصَحُّ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ الْحَادِثِ مِنْ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي يَحْدُثُ مِنْ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُجْعَلُ كَالْمَوْجُودِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فِي أَنَّهُ يَصِيرُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ وَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبَقِيَ الثَّمَنُ كُلُّهُ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ الْوَصْفُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ كَوْنُهُ وَارِثًا وَقْتَ الرِّدَّةِ وَقَوْلُهُ الْوَصْفُ الثَّانِي