إلَّا بِعَيْنِ ذَلِكَ النَّوْعِ. اهـ.
وَمَا قَالَهُ هُوَ الْوَاقِعُ فِي مِصْرَ وَيَشَمُّ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالشَّيْنِ مُضَارِعُ شَمَمْت الطِّيبَ بِكَسْرِ الْمِيمِ فِي الْمَاضِي هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ الْفَصِيحَةُ. وَأَمَّا شَمَمْته أَشُمُّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ فِي الْمَاضِي وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ فَقَدْ أَنْكَرَهَا بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَقَالَ هُوَ خَطَأٌ وَصَحَّحَ عَدَمَهُ فَقَدْ نَقَلَهَا الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ بِفَصِيحَةٍ ثُمَّ يَمِينُ الشَّمِّ تَنْعَقِدُ عَلَى الشَّمِّ الْمَقْصُودِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشَمُّ طِيبًا فَوَجَدَ رِيحَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ وَصَلَتْ الرَّائِحَةُ إلَى دِمَاغِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
قَوْلُهُ (الْبَنَفْسَجُ وَالْوَرْدُ عَلَى الْوَرَقِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي بَنَفْسَجًا أَوْ وَرْدًا فَاشْتَرَى وَرَقَهُمَا يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنَهُمَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ عَلَى الْوَرِقِ دُونَ الدُّهْنِ فِي عُرْفِنَا كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي الْمَبْسُوطِ لَوْ اشْتَرَى وَرَقَ الْبَنَفْسَجِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنَهُ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَنَفْسَجِ إذَا أُطْلِقَ يُرَادُ بِهِ الدُّهْنُ وَيُسَمَّى بَائِعُهُ بَائِعَ الْبَنَفْسَجِ فَيَصِيرُ هُوَ بِشِرَائِهِ مُشْتَرِي الْبَنَفْسَجِ أَيْضًا، وَهُوَ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْوَرَقِ كَالدُّهْنِ، وَهَذَا شَيْءٌ يُبْتَنَى عَلَى الْعُرْفِ، وَفِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بَائِعُ الْوَرَقِ لَا يُسَمَّى بَائِعَ الْبَنَفْسَجِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى بَائِعَ الدُّهْنِ فَبَنَى الْجَوَابَ فِي الْكِتَابِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ شَاهَدَ الْكَرْخِيُّ عُرْفَ أَهْلِ بَغْدَادَ أَنَّهُمْ يُسَمُّونَ بَائِعَ الْوَرَقِ وَبَائِعَ الْبَنَفْسَجِ أَيْضًا فَقَالَ يَحْنَثُ وَبِهِ، وَقَالَ هَكَذَا فِي دِيَارِنَا أَعْنِي فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَا يُقَالُ فِي أَحَدِهِمَا حَقِيقَةً، وَفِي الْآخَرِ مَجَازًا بَلْ فِيهِمَا حَقِيقَةٌ وَيَحْنَثُ فِيهِمَا بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ، وَالْيَاسَمِينُ قِيَاسُ الْوَرْدِ لَا يَتَنَاوَلُ الدُّهْنَ؛ لِأَنَّ دُهْنَهُ يُسَمَّى زَنْبَقًا لَا يَاسَمِينًا، وَكَذَا الْحِنَّاءُ يَتَنَاوَلُ الْوَرَقَ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَقَالَ فِي الْكَافِي فِي الْحِنَّاءِ تَقَعُ فِي عُرْفِنَا عَلَى الْمَدْقُوقِ.
قَوْلُهُ (حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ، وَأَجَازَ بِالْقَوْلِ حَنِثَ وَبِالْفِعْلِ لَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْإِجَازَةِ بِالْقَوْلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هُوَ التَّزَوُّجُ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَقْدِ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْقَوْلِ، وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةِ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فَيَكُونُ لِلْفُضُولِيِّ حُكْمُ الْوَكِيلِ، وَلِلْمُجِيزِ حُكْمُ الْمُوَكِّلِ، وَالْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ بَعْثُ الْمَهْرِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ وَالْمُرَادُ الْوُصُولُ إلَيْهَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَقِيلَ سَوْقُ الْمَهْرِ يَكْفِي سَوَاءٌ وَصَلَ إلَيْهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُجَوِّزَ الْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ، وَهِيَ تَتَحَقَّقُ بِالسَّوْقِ وَبَعْثُ الْهَدِيَّةِ لَا تَكُونُ إجَازَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ، وَلَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ جَامَعَهَا تَكُونُ إجَازَةً بِالْفِعْلِ لَكِنْ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ لِقُرْبِ نُفُوذِ الْعَقْدِ مِنْ الْمَحْرَمِ.
وَلَوْ أَجَازَ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ بِالْكِتَابَةِ هَلْ تَكُونُ إجَازَةً بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ ذَكَرَ فِي أَيْمَانِ الْجَامِعِ فِي الْفَتَاوَى إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقُولُ: لِفُلَانٍ شَيْئًا فَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا لَا يَحْنَثُ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ قَيَّدَ بِكَوْنِ التَّزَوُّجِ بَعْدَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ ثُمَّ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَأَجَازَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْقَوْلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ، وَفِيهِ لَا يَحْنَثُ بِمُبَاشَرَتِهِ فَبِالْإِجَازَةِ أَوْلَى.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ فَأَجَازَ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى مُتَوَقِّفٍ عَلَى إذْنِهِ لِمِلْكِهِ وَوِلَايَتِهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي ابْنِهِ وَابْنَتِهِ الصَّغِيرَيْنِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ كَانَا كَبِيرِينَ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا بَلْ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْهُمَا فَتَتَعَلَّقُ بِحَقِيقَةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ مُبَاشَرَتُهُ الْعَقْدَ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الْعَبْدَ أَوْ الِابْنَ فَزَوَّجَهُ مَوْلَاهُ، وَهُوَ كَارِهٌ أَوْ أَبُوهُ، وَهُوَ مَجْنُونٌ حَيْثُ لَا يَحْنَثَانِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ لِوُجُودِ الْفِعْلِ مِنْهُ حَقِيقَةً دُونَهُمَا.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَإِنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ يُزَوِّجُهَا غَيْرِي لِأَجْلِي وَأُجِيزُهُ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ، وَفِي رَقْمِ حُرٍّ فَحِيلَتُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ فُضُولِيٌّ بِلَا أَمْرِهِمَا فَيُجِيزُهُ هُوَ فَيَحْنَثُ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَرْأَةِ لَا إلَى جَزَاءٍ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ثُمَّ تُجِيزُهُ هِيَ فَإِجَازَتُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَوْنِ الْجَزَاءِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَبَيْنَ كَوْنِهِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَمْ تَبْقَ امْرَأَتُهُ فَلْيُحْفَظْ هَذَا فَإِنَّهُ حَسَنٌ جِدًّا. اهـ.
قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا فَاعْتِبَارُ التَّقْيِيدِ فِي الْإِضَافَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَهَا لَا غَيْرَهُ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْمُحِيطِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هُوَ التَّزَوُّجُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَبِهِ انْدَفَعَ (قَوْلُهُ: وَالْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ بَعْثُ الْمَهْرِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ) قَالَ فِي الْقَاسِمِيَّةِ، وَقَوْلُهُ ادْفَعْ الدَّرَاهِمَ إلَيْهَا إجَازَةٌ مِنْهُ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ حَصَلَتْ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا، وَقَالَ هَذَا مَهْرُك قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ يَكُونُ إجَازَةً بِالْقَوْلِ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً يَبْعَثُ إلَى وَلِيِّهَا، وَهَلْ تَكُونُ الْخَلْوَةُ إجَازَةً قَالَ فِي الْفُصُولِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ إجَازَةً كَذَا ذَكَرَهُ فِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَفْسُ الْخَلْوَةِ لَا تَكُونُ إجَازَةً