الرُّوحُ أَصْلًا فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ وَلَدَتْ تَوْأَمًا حَيًّا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحَيَاةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهِ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، وَلَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَنِينَ فَضَرَبَ أَجْنَبِيٌّ بَطْنَهَا وَأَلْقَتْ مَيِّتًا فَعَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ غُلَامًا وَعُشْرُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ جَارِيَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مُعْتِقَ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ فَالضَّرْبُ صَادَفَهُ وَهُوَ رَقِيقٌ فَيَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ فِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ وَيَضْمَنُ الْمُعْتِقُ نِصْفَهُ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا أَوْجَبَ ضَمَانَهُ عَلَى الضَّارِبِ فَقَدْ حَكَمَ بِكَوْنِهِ حَيًّا قَبْلَ الضَّرْبِ فَيَكُونُ الْمُعْتِقُ بِالْإِعْتَاقِ مُتْلِفًا نَصِيبَ شَرِيكِهِ فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ فِيمَا أَدَّى الضَّارِبُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتِقَ مَلَكَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِالضَّمَانِ فَإِنَّ الْجَنِينَ مِمَّا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بِالْوَصِيَّةِ فَصَارَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ مُكَاتَبًا لَهُ فَهَذَا مُكَاتَبٌ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فَيُقْضَى مِنْهُ سِعَايَتُهُ وَمَا بَقِيَ فَمِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِمُعْتَقِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ حُرًّا اهـ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ تَدْبِيرَ الْحَمْلِ وَحْدَهُ صَحِيحٌ بِالْأَوْلَى قَالُوا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ إذَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا وَيَجُوزُ هِبَتُهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ مَا فِي بَطْنِهَا عِنْدَ بَيْعِهَا لَا يَجُوزُ قَصْدًا فَكَذَا حُكْمًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَبَعْدَمَا دَبَّرَ مَا فِي الْبَطْنِ لَوْ وَهَبَ الْأُمَّ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ بِالتَّدْبِيرِ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَمَّا فِي الْبَطْنِ فَإِذَا وَهَبَ الْأُمَّ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَالْمَوْهُوبُ مُتَّصِلٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى هِبَةِ الْمَشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، أَمَّا بَعْدَ الْعِتْقِ مَا فِي الْبَطْنِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مَا فِي بَطْنِك عَتَقَتْ إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا؛ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مَا فِي بَطْنِك حُرٌّ فَضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ قَالَ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى فَإِنْ أَوْقَعَ الْعِتْقَ عَلَى الْأُمِّ عَتَقَ الْجَنِينُ بِعِتْقِهَا وَعَلَى الضَّارِبِ غُرَّةٌ لِلْمَوْلَى وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ فَضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ قَالَ فِي الْجَنِينِ غُرَّةُ حُرٍّ وَيَعْتِقُ نِصْفُ الْأَمَةِ وَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْجَنِينِ اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ أَوْصَى بِمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ لِإِنْسَانٍ فَمَاتَ الْمُوصَى فَأَعْتَقَ الْوَرَثَةُ مَا فِي بَطْنِ الْجَارِيَةِ جَازَ إعْتَاقُهُمْ وَيَضْمَنُونَ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْمِلْكِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ) لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ؛ وَلِأَنَّ مَاءَهُ يَكُونُ مُسْتَهْلَكًا بِمَائِهَا فَيُرَجَّحُ جَانِبُهَا؛ وَلِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ بِهِ مِنْ جِهَتِهَا وَلِهَذَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الزِّنَا وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ مِنْهَا حَتَّى تَرِثَهُ وَيَرِثَهَا؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ هُوَ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا حِسًّا وَحُكْمًا حَتَّى يَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا وَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ تَبَعًا لَهَا فَكَانَ جَانِبُهَا أَرْجَحَ، وَكَذَا يُعْتَبَرُ جَانِبُ الْأُمِّ فِي الْبَهَائِمِ أَيْضًا حَتَّى إذَا تَوَلَّدَ بَيْنَ الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ أَوْ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ يُؤْكَلُ إذَا كَانَتْ أُمُّهُ مَأْكُولَةً وَتَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ بِهِ إذَا كَانَتْ أُمُّهُ يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهَا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ الْقَائِلُ هَلْ يَصِيرُ الْوَلَدُ حُرًّا مِنْ زَوْجَيْنِ رَقِيقَيْنِ مِنْ غَيْرِ إعْتَاقٍ وَلَا وَصِيَّةٍ قِيلَ نَعَمْ وَصُورَتُهُ إذَا كَانَ لِلْحُرِّ وَلَدٌ هُوَ عَبْدٌ لِأَجْنَبِيٍّ فَزَوَّجَ الْأَبُ جَارِيَتَهُ مِنْ وَلَدِهِ بِرِضَا مَوْلَاهُ فَوَلَدَتْ الْجَارِيَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: فَأَعْتَقَ الْوَرَثَةُ مَا فِي بَطْنِ الْجَارِيَةِ) كَذَا رَأَيْته فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ فَأَعْتَقَ الْوَارِثُ الْأَمَةَ فَهُوَ جَائِزٌ وَوَلَاؤُهَا وَوَلَاءُ مَا فِي بَطْنِهَا لَهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ مَا فِي بَطْنِهَا يَوْمَ تَلِدُ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا يُعْتَبَرُ جَانِبُ الْأُمِّ فِي الْبَهَائِمِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا مَنْقُوضٌ بِالشَّاةِ إذَا نَزَا عَلَيْهَا كَلْبٌ فَوَلَدَتْ فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا اهـ.
قُلْتُ: لَكِنْ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ
وَإِنْ يَنْزُ كَلْبٌ فَوْقَ عَنْزٍ فَجَاءَهَا ... نِتَاجٌ لَهُ رَأْسُ الْكِلَابِ فَيُنْظَرُ
فَإِنْ أَكَلَتْ لَحْمًا فَكَلْبٌ جَمِيعُهَا ... وَإِنْ أَكَلَتْ تِبْنًا فَذَا الرَّأْسُ يُبْتَرُ
وَيُؤْكَلُ بَاقِيهَا وَإِنْ أَكَلَتْ لِذَا ... وَذَا فَاضْرِبَنْهَا فَالصِّيَاحُ يُخْبِرُ
وَإِنْ أَشْكَلَتْ فَاذْبَحْ فَإِنْ كِرْشَهَا بَدَا ... فَعَنْزٌ وَإِلَّا فَهْيَ كَلْبٌ فَيُطْمَرُ
قَالَ شَارِحُهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ: الْمَسْأَلَةُ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ كَلْبٌ نَزَا عَلَى عَنْزٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا رَأْسُهُ رَأْسُ كَلْبٍ وَبَاقِيهِ يُشْبِهُ الْعَنْزَ قَالُوا يُقَدَّمُ إلَيْهِ الْعَلَفُ وَاللَّحْمُ فَإِنْ تَنَاوَلَ الْعَلَفَ دُونَ اللَّحْمِ تُرْمَى رَأْسُهُ بَعْدَ الذَّبْحِ وَيُؤْكَلُ مَا سِوَاهَا وَإِنْ تَنَاوَلَهُمَا جَمِيعًا يُضْرَبُ فَإِنْ نَبَحَ لَا يُؤْكَلُ وَإِنْ ثَغَى تُرْمَى رَأْسُهُ وَيُؤْكَلُ غَيْرُهَا فَإِنْ ثَغَى وَنَبَحَ ذُبِحَ فَإِنْ وُجِدَ لَهُ كِرْشٌ أُكِلَ مَا سِوَى الرَّأْسِ وَإِنْ وُجِدَ لَهُ أَمْعَاءُ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ كَلْبٌ وَعَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَوْ نَزَا حِمَارٌ عَلَى حِمَارَةٍ وَحْشِيَّةٍ فَوَلَدَتْ تَبِعَ أُمَّهُ فَيُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حُكْمَ أُمِّهِ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَالْوَلْوالِجِيَّة الِاعْتِبَارُ فِي الْمُتَوَلِّدِ لِلْأُمِّ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْحِلِّ، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ فِيهِمَا حَتَّى إذَا نَزَا ظَبْيٌ عَلَى شَاةٍ أَهْلِيَّةٍ فَإِنْ وَلَدَتْ شَاةً تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهَا وَإِنْ وَلَدَتْ ظَبْيًا لَمْ تَجُزْ، وَلَوْ وَلَدَتْ الرَّمَكَةُ حِمَارًا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يُؤْكَلْ وَفِي الْخُلَاصَةِ