فَرْجُك حُرٌّ قَالَ لِلْعَبْدِ أَوْ لِلْأَمَةِ عَتَقَ بِخِلَافِ الذَّكَرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرَّةٌ أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْت حُرٌّ يَعْتِقُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِيَةُ يَعْنِي فَلَا يَكُونُ قَذْفًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْجُزْءَ الشَّائِعَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الطَّلَاقِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ اتِّفَاقًا فَذِكْرُ بَعْضِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ، أَمَّا الْعِتْقُ فَيَتَجَزَّأُ عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِذَا قَالَ نِصْفُك حُرٌّ أَوْ ثُلُثُك حُرٌّ يَعْتِقُ ذَلِكَ الْقَدْرُ خَاصَّةً عِنْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي فَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ تَسْوِيَةِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي الْإِضَافَةِ إلَى الْجُزْءِ الشَّائِعِ سَهْوٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ سَهْمٌ مِنْك حُرٌّ عَتَقَ السُّدُسُ، وَلَوْ قَالَ جُزْءٌ مِنْك حُرٌّ أَوْ شَيْءٌ مِنْك حُرٌّ يُعْتِقُ مِنْهُ الْمَوْلَى مَا شَاءَ فِي قَوْلِهِ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْأَلْفَاظَ الْجَارِيَةَ مَجْرَى الصَّرِيحِ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ، أَمَّا الَّذِي هُوَ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ وَهَبْت لَك نَفْسَك أَوْ وَهَبْت نَفْسَك مِنْك أَوْ بِعْت نَفْسَك مِنْك وَيَعْتِقُ سَوَاءٌ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَارَ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْبَائِعِ إزَالَةُ الْمِلْكِ مِنْ الْمَوْهُوبِ وَالْمَبِيعِ وَإِنَّمَا الْحَاجَةُ إلَى الْقَبُولِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُمَا، وَهَا هُنَا لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْعَبْدِ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ مَمْلُوكًا لِنَفْسِهِ فَبَقِيَ الْهِبَةُ وَالْبَيْعُ إزَالَةُ الْمِلْكِ عَنْ الرَّقِيقِ لَا إلَى أَوْحَدَ هَذَا مَعْنَى الْإِعْتَاقِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ وَهَبْت لَك نَفْسَك، وَقَالَ أَرَدْت وَهَبْت لَهُ عِتْقَهُ أَيْ لَا أُعْتِقُهُ لَمْ يَعْتِقْ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ عُدُولٌ عَنْ الظَّاهِرِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ اهـ.

وَزَادَ فِي الْخَانِيَّةِ تَصَدَّقْت بِنَفْسِك عَلَيْك وَفِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَقِيلَ إنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالصَّرِيحِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

وَقِيلَ إنَّهَا كِنَايَةٌ لَا تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّرِيحَ يَخُصُّ الْوَضْعِيَّ وَالْحَقُّ الْقَوْلُ الثَّالِثُ إنَّهَا صَرَائِحُ حَقِيقَةً كَمَا قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخُصُّ الْوَضْعَ وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ

(قَوْلُهُ وَبِلَا مِلْكَ وَلَا رِقَّ وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك إنْ نَوَى) بَيَانٌ لِلْكِنَايَاتِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يُحْتَمَلُ بِالْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ وَانْتِفَاءُ السَّبِيلِ يُحْتَمَلُ بِالْعِتْقِ وَبِالْإِرْضَاءِ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ سَبِيلٌ فِي اللَّوْمِ وَالْعُقُوبَةِ فَصَارَ مُجْمَلًا وَالْمُجْمَلُ لَا يَتَعَيَّنُ بَعْضُ وَجْهِهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الْعِتْقُ بِلَا نِيَّةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُزِيلَةِ مَوْجُودًا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْمِلْكِ لَمَّا كَانَ دَائِرًا بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ وَغَيْرُ الْإِعْتَاقِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الْوَاقِعِ تَعَيَّنَ الْإِعْتَاقُ لَا مَحَالَةَ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي التَّرَدُّدِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْعَاقِلِ لَغْوًا فَلَا يَجُوزُ. اهـ.

وَقَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ لِي عَلَيْك مُتَعَلِّقٌ بِالثَّلَاثَةِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك إلَّا سَبِيلُ الْوَلَاءِ عَتَقَ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك إلَّا سَبِيلُ الْمُوَالَاةِ دُيِّنَ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْعِتْقُ فِي لَا مِلْكَ لِي أَوْ خَرَجْت عَنْ مِلْكِي فَهَلْ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَا يَعْتِقُ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ فَإِنْ مَاتَ لَا يَرِثُ بِالْوَلَاءِ فَإِنْ قَالَ الْمَمْلُوكُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَا مَمْلُوكٌ لَهُ فَصَدَّقَهُ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ لَيْسَ هَذَا بِعَبْدِي لَا يَعْتِقُ. اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكُونُ حُرًّا ظَاهِرًا لَا مُعْتَقًا فَتَكُونُ أَحْكَامُهُ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ يَدَّعِيَهُ وَيُثْبِتَ فَيَكُونُ مِلْكًا لَهُ وَمِنْ الْكِنَايَاتِ أَيْضًا خَلَّيْت سَبِيلَك لَا حَقَّ لِي عَلَيْك، وَقَوْلُهُ لِأَمَتِهِ أَطْلَقْتُك فَتَعْتِقُ بِالنِّيَّةِ وَمِنْ الْكِنَايَاتِ أَيْضًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ أَمْرُك بِيَدِك اخْتَارِي فَيَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ فِي أَنْت لِلَّهِ فَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ نَوَى، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ أَرَادَ بِهِ الْعِتْقَ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الصَّدَقَةَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ كُلَّنَا لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ أَنْت لِوَجْهِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَكَذَا أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ، وَلَوْ قَالَ جَعَلْتُك لِلَّهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ، وَقَالَ لَمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ عُدُولٌ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ بِزِيَادَةِ لَمْ أَوْ الْأَصْلُ لَمْ يُصَدَّقَا.

(قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ) الظَّاهِرُ أَنْ لَا زَائِدَةٌ وَالصَّوَابُ تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكُونُ حُرًّا ظَاهِرًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: عَلَّلَ فِي الْمُحِيطِ أَنْتَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ بِأَنَّ نَفْيَ الْمِلْكِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْعِتْقِ بَلْ يَحْتَمِلُهُ اهـ.

وَإِذَا لَمْ يَنْوِهِ لَا يَعْتِقُ وَبَقِيَ إقْرَارُهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَمْلُوكٍ أَصْلًا فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَعِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُغَايِرَةٌ لِمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَذَلِكَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إنَّمَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي مِلْكَهُ لِغَيْرِهِ، وَمَسْأَلَةُ الْخُلَاصَةِ مَوْضُوعُهَا إقْرَارُهُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ أَصْلًا إمَّا لِعِتْقِهِ لَهُ أَوْ لِحُرِّيَّتِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَتَنَبَّهْ لِهَذَا وَإِنَّهُ مُهِمٌّ اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فَقَالَ الَّذِي يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ أَنَّ الْحَقَّ مَعَ صَاحِبِ الْبَحْرِ فَإِنَّ الْفَرْقَ الَّذِي أَبْدَاهُ فِي النَّهْرِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فَإِنَّهُ إذَا نَفَى مِلْكَهُ عَنْهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَدَّعِيهِ سَاوَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015