وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرِهِ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَبِيعَهُ فَعَلَ، وَأَمَّا الْعَبْدُ إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَهُ عِنْدَ الشَّرِيكِ فَرَفَعَ الشَّرِيكُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ وَإِنْ قَبِلَ يَأْمُرُهُ بِالنَّفَقَةِ وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْكُلُّ مِنْ الْخَانِيَّةِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ الشَّرِيكُ إذَا أَنْفَقَ عَلَى الْعَبْدِ فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي وَبِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ، وَكَذَا النَّخْلُ وَالزَّرْعُ، وَكَذَا الْمُودَعُ وَالْمُلْتَقِطُ إذَا أَنْفَقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَاللُّقَطَةِ، وَكَذَا فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا اُشْتُرِيَتْ فَأَنْفَقَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَفِي الْقُنْيَةِ وَنَفَقَةُ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ مَا دَامَ فِي يَدِهِ هُوَ الصَّحِيحُ، ثُمَّ رُقِمَ بِرَقْمٍ آخَرَ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْبَائِعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَيَأْذَنُ لَهُ فِي بَيْعِهِ أَوْ إجَارَتِهِ، ثُمَّ رُقِمَ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ فِي الْعَبْدِ وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَقِيلَ عَلَى الْبَائِعِ، وَقِيلَ يُسْتَدَانُ فَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ الْمِلْكُ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ اهـ.
وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ لَا رَقَبَةَ وَلَا مَنْفَعَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَتَكُونُ تَابِعَةً لِلْمِلْكِ كَالْمَرْهُونِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا الْمَمْلُوكَ ظَاهِرًا فَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِحُرِّيَّةِ أَمَتِهِ فَوَضَعَهَا الْقَاضِي عَلَى يَدِ عَدْلٍ لِأَجْلِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الشُّهُودِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ سَوَاءٌ ادَّعَتْ الْأَمَةُ الْحُرِّيَّةَ أَوْ جَحَدَتْ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ عَلَى مَوْلَاهُ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ وَلَا رُجُوعَ لِلْمَوْلَى بِمَا أَنْفَقَهُ سَوَاءٌ زُكِّيَتْ الشُّهُودُ أَوْ لَا إلَّا إذَا أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْإِنْفَاقِ أَوْ أَكَلَتْ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنْ لَا مِلْكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَمَرَهُ أَنْ يَكْتَسِبَ وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَبَى فَفِي كَسْبِهِ وَإِلَّا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ) أَيْ إنْ امْتَنَعَ الْمَوْلَى عَنْ الْإِنْفَاقِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي كَسْبِهِ إنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لَهُمَا حَتَّى يَبْقَى الْمَمْلُوكُ فِيهِ حَيًّا وَيَبْقَى فِيهِ مِلْكُ الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا كَسْبٌ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا زَمِنًا أَوْ جَارِيَةً لَا يُؤْجَرُ مِثْلُهَا أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى بَيْعِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَفِي الْبَيْعِ إيفَاءُ حَقِّهِمَا وَإِيفَاءُ حَقِّ الْمَوْلَى بِالْخَلَفِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا فَكَانَ إبْطَالًا وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصْلُحُ لِلْإِجَارَةِ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْإِنْفَاقِ أَوْ يَبِيعُ الْقَاضِي إذَا رَأَى ذَلِكَ إلَّا الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهُمَا اهـ.
فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى وَعُلِمَ مِمَّا فِي الْغَايَةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْبَيْعِ مَعْنَاهُ بَيْعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ الْبَيْعَ عَلَى الْحُرِّ لِأَجْلِ حَقِّ الْغَيْرِ فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يَرَى جَوَازَ الْبَيْعِ عَلَى الْحُرِّ، وَلَكِنَّهُ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَبِيعَهُ إذَا اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الْبَيْعُ اهـ.
وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَمَرَ بِبَيْعِهِ وَلَمْ يَقُلْ بَاعَهُ الْقَاضِي قَيَّدَ بِالْمَمْلُوكِ أَيْ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهُ مِنْ أَمْلَاكِهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ حَيَوَانًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا أَنَّهُ يُفْتَى فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَيَوَانَاتِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَفِيهِ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَفِيهِ إضَاعَتُهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُجْبَرُ وَالْأَصَحُّ مَا قُلْنَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَرَجَّحَ الطَّحَاوِيُّ رِوَايَةَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِيهِ دَعْوَى حِسْبَةٍ فَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ وَلَا بِدْعَ فِيهِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ وَالْحَقُّ مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ اهـ.
وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْحَيَوَانَاتِ كَالدُّورِ وَالْعَقَارِ لَا يُفْتِي بِهِ أَيْضًا إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ تَضْيِيعُ الْمَالِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فَإِنْ كَانَتْ دَابَّةٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْإِنْفَاقِ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْبِرْهُ لَتَضَرَّرَ الشَّرِيكُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْآبِي إمَّا أَنْ تَبِيعَ نَصِيبَك مِنْ الدَّابَّةِ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرَّقَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ تَعَيَّنَتْ الْأَصْلَحِيَّةُ حَتَّى فِي الْمُودَعِ لَوْ كَانَ الْأَصْلَحُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ أُمِرَ بِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُكْمَ دَائِرٌ مَعَ الْأَصْلَحِيَّةِ تَأَمَّلْ.