الْأُمِّ وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَرْعٌ أُشْكِلَ الْجَوَابُ فِيهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ لَهُ أُمٌّ وَعَمٌّ وَأَبٌ لِأُمٍّ مُوسِرُونَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ عَلَى الْأُمِّ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ أَبَا الْأُمِّ لَمَّا كَانَ أَوْلَى مِنْ الْعَمِّ وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْ أَبِي الْأُمِّ كَانَتْ الْأُمُّ أَوْلَى مِنْ الْعَمِّ لَكِنْ بِتَرْكِ جَوَابِ الْكِتَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْأُمِّ وَالْعَمِّ أَثْلَاثًا اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ صَغِيرٌ مَاتَ أَبُوهُ وَلَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ أَبِ الْأَبِ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثُ عَلَى الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ عَلَى جَدِّ الْأَبِ اهـ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْجَدَّ لَيْسَ كَالْأَبِ فِيهَا.
(قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُ عَرْضِ ابْنِهِ لَا عَقَارِهِ لِلنَّفَقَةِ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِانْقِطَاعِهَا بِالْبُلُوغِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ حَالَ حَضْرَتِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ فِي دَيْنٍ لَهُ سِوَى النَّفَقَةِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْمُخْتَصَرِ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ وِلَايَةَ الْحِفْظِ فِي مَالِ الْغَائِبِ أَلَا تَرَى أَنَّ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ فَلِلْأَبِ أَوْلَى لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ وَبَيْعُ الْمَنْقُولِ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَقَارُ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِنَفْسِهَا قَيَّدَ بِالْأَبِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ وَسَائِرَ الْأَقَارِبِ لَيْسَ لَهُمْ بَيْعُ شَيْءٍ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُمْ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ أَصْلًا فِي التَّصَرُّفِ حَالَةَ الصِّغَرِ وَلَا فِي الْحِفْظِ بَعْدَ الْكِبَرِ، وَإِذَا جَازَ بَيْعُ الْأَبِ فَالثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَهُوَ النَّفَقَةُ فَلَهُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ كَمَا لَوْ بَاعَ الْعَقَارَ وَالْمَنْقُولَ عَلَى الصَّغِيرِ جَازَ لِكَمَالِ الْوِلَايَةِ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نَفَقَتَهُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسُ حَقِّهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الِابْنِ الْكَبِيرِ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلِلْأَبِ بَيْعُ عَرْضِهِ لِلنَّفَقَةِ إجْمَاعًا كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَهُ بَيْعُ عَقَارِهِ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: وَإِذَا اجْتَمَعَ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ لَزِمَتْ الْأَقْرَبَ، وَلَوْ لَمْ يُدْلِ بِهِ الْآخَرُ لِقُرْبِهِ وَفِي الْفَيْضِ الْكُرْكِيِّ، وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ يُرَجَّحُ مَنْ كَانَ وَارِثًا حَقِيقَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَخَالٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ فَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَعَمَّةٌ وَخَالَةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ، وَلَوْ كَانَ الْعَمُّ مُعْسِرًا فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا وَيُجْعَلُ الْعَمُّ كَالْمَيِّتِ اهـ.
وَيَظْهَرُ مِنْ فُرُوعِهِمْ أَنَّ الْأَقْرَبِيَّةَ إنَّمَا تُقَدَّمُ إذَا لَمْ يَكُونُوا وَارِثِينَ كُلُّهُمْ فَأَمَّا إذَا كَانُوا كَذَلِكَ فَلَا كَالْأُمِّ وَالْعَمِّ أَوْ الْجَدِّ لِقَوْلِهِمْ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي الْفَرْعِ الْمُشْكِلِ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْأُمِّ وَالْعَمِّ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَارِثٌ، وَقَدْ سَقَطَ أَبُو الْأُمِّ بِالْأُمِّ فَكَانَ كَالْمَيِّتِ فَتَأَمَّلْ يَظْهَرُ لَك الْأَمْرُ أَقُولُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِأَبَوَيْهِ إلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ إنَّمَا هُوَ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْمِيرَاثُ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ.
ثُمَّ قَالَ الرَّمْلِيُّ، وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ يَتِيمَةٍ لَهَا أُمٌّ وَخَالٌ وَأَوْلَادُ عَمٍّ فَأَجَبْت بِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْأُمِّ خَاصَّةً لَا عَلَى الْخَالِ وَلَا عَلَى أَوْلَادِ الْعَمِّ أَمَّا الْخَالُ فَإِنَّهُ لَا إرْثَ لَهُ مَعَ الْأُمِّ مَعَ كَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَهَا فِي النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْعَمِّ فَإِنَّهُ يَرِثُ مَعَهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي كُتُبِهِمْ عَامَّةً مِنْ عَدَمِ مُشَارَكَةِ أَبِ الْأُمِّ مَعَهَا فَكَيْفَ الْخَالُ مَعَ أَنَّ أَبَ الْأُمِّ لَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْخَالِ قُدِّمَ أَبُو الْأُمِّ بِلَا شُبْهَةٍ فَعَلِمْنَا قَطْعًا بِأَنَّ الْخَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ مَعَ الْأُمِّ بِالْأَوْلَى وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ الْحَنَفِيِّ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أُمٌّ مُوسِرَةٌ وَجَدٌّ مُوسِرٌ وَلَا أَبَ لَهُ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْأُمِّ وَالْجَدِّ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمَا، وَكَذَلِكَ الْعَمُّ مَعَ الْأُمِّ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعَصَبَةِ سِوَاهُمَا مَعَهَا وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ ابْنُ عَمٍّ مُوسِرٌ وَخَالٌ مُوسِرٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى خَالِهِ اهـ.
فَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَصَبَةِ مَعَهَا لَا يُشَارِكُهَا وَالْخَالُ لَيْسَ عَصَبَةً فَلَا يُشَارِكُهَا وَمَنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ فَقَدْ أُبْعِدَ عَنْ الْفَهْمِ جِدًّا وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ لِمَا وَجَدْتُ مِنْ إفْتَاءِ بَعْضِ الْمُفْتِينَ بِهَذَا الْعَصْرِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ الْعَمُّ وَالْخَالُ فَهِيَ عَلَى الْعَمِّ فَبِالْأَوْلَى إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الْأُمِّ الْخَالُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي وَجْهِ الْإِشْكَالِ، وَأَمَّا ابْنُ الْعَمِّ فَلِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ انْفَرَدَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى جَدِّ الْأَبِ) صَوَابُهُ عَلَى الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ لِلصَّغِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ تَجِبُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا بِخِلَافِ الْأَبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْجَدِّ كُلَّهَا وَهُوَ أَلْيَقُ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ يُلْحِقُ الْجَدَّ بِالْأَبِ مُطْلَقًا حَتَّى قَالَ الْجَدُّ أَوْلَى مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ. اهـ.
فَعَلَى مَا رَوَى الْحَسَنُ الْجَدُّ كَالْأَبِ فِيهَا اهـ.
أَقُولُ: وَعَلَّلَ فِي الذَّخِيرَةِ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّ اتِّصَالَ النَّافِلَةِ بِالْجَدِّ كَاتِّصَالِهِ بِالْأَخِ بِوَاسِطَةِ الْأَبِ وَفِي الْأَخِ وَالْأُمِّ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا كَإِرْثِهِمَا فَكَذَا فِي الْجَدِّ وَالْأُمِّ.
(قَوْلُهُ: كَالْأَبِ فِيهَا) أَيْ فِي النَّفَقَةِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ اعْتِبَارًا بِالْمِيرَاثِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُمَّ وَسَائِرَ الْأَقَارِبِ لَيْسَ لَهُمْ بَيْعُ شَيْءٍ اتِّفَاقًا) قَالَ فِي النَّهْرِ لَكِنْ فِي الْأَقْضِيَةِ جَوَازُ بَيْعِ الْأَبَوَيْنِ وَهَكَذَا الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَبِتَقْدِيرِ الِاتِّفَاقِ فَتَأْوِيلُ مَا ذُكِرَ فِيهَا أَنَّ الْأَبَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْبَيْعَ لَكِنْ لِنَفَقَتِهِمَا فَأُضِيفَ الْبَيْعُ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ بَيْعِ الْأَبِ يُصْرَفُ الثَّمَنُ إلَيْهِمَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّ جَوَازَ بَيْعِ الْأُمِّ بَعِيدٌ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ. اهـ. قُلْتُ: وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَبِ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ مُطْلَقًا) قَالَ فِي النَّهْرِ يَعْنِي لِلنَّفَقَةِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ