الْمُدَبَّرُ وَالْمُدَبَّرَةُ تَحْتَهُ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا خَادِمٌ مَمْلُوكٌ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ كِرَاءُ غُلَامٍ يَخْدُمُهَا لَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ السُّوقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ وَقَيَّدَ بِالْخَادِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَكْثَرَ مِنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ لَهَا وَهَذَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَفْرِضُ لِخَادِمَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى أَحَدِهِمَا لِمَصَالِحِ الدَّاخِلِ وَإِلَى الْآخَرِ لِمَصَالِحِ الْخَارِجِ وَلَهُمَا أَنَّ الْوَاحِدَ يَقُومُ بِالْأَمْرَيْنِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى اثْنَيْنِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَرَوَى صَاحِبُ الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ يَجِلُّ مِقْدَارُهَا عَنْ خِدْمَةِ خَادِمٍ وَاحِدٍ أَنْفَقَ عَلَى مَنْ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ مِنْ الْخُدَّامِ مِمَّنْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْخَادِمِ الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ والولوالجية الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ وَلَهَا خَدَمٌ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى أُجْرَةِ خَادِمَيْنِ اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ مُطْلَقًا وَالْمَأْخُوذُ بِهِ عِنْدَ الْمَشَايِخِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالذَّخِيرَةِ لَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ لَا يَكْفِيهِمْ خَادِمٌ وَاحِدٌ فُرِضَ عَلَيْهِ لِخَادِمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِقْدَارُ مَا يَكْفِيهِمْ اتِّفَاقًا وَفِي التَّجْنِيسِ امْرَأَةٌ لَهَا مَمَالِيكُ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنْفِقْ عَلَيْهِ مِنْ مَهْرِي فَأَنْفَقَ فَقَالَتْ لَا أَجْعَلُهَا مِنْ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّك اسْتَخْدَمْتَهُمْ فَمَا أَنْفَقَ بِالْمَعْرُوفِ فَهُوَ مَحْسُوبٌ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ بِأَمْرِهَا اهـ.
وَأَطْلَقَ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْخَادِمِ فَشَمِلَ مَا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يَخْدُمَهَا أَوْ يَخْدُمَهَا خَادِمُهُ وَلَا يُنْفِقُ عَلَى خَادِمِهَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ أَنَا أَخْدُمُكِ أَوْ تَخْدُمُكِ جَارِيَةٌ مِنْ جَوَارِيَّ، الصَّحِيحُ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ إخْرَاجَ خَادِمِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهِ وَعَلَّلَهُ الولوالجي بِأَنَّ الْمَرْأَةَ عَسَى لَا تَتَهَيَّأُ لَهَا الْخِدْمَةُ بِخَدَمِ الزَّوْجِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُ إخْرَاجَ مَا عَدَا خَادِمٍ وَاحِدٍ مِنْ بَيْتِهِ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِمَا وَأَطْلَقَ فِي الْمَرْأَةِ فَشَمِلَ الْأَمَةَ وَالْحُرَّةَ الشَّرِيفَةَ وَالْوَضِيعَةَ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْمَنْكُوحَةُ إذَا كَانَتْ أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ لِبَنَاتِ الْأَشْرَافِ اهـ.
وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَمَةِ خَادِمٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَمْلُوكُ لِلْمَرْأَةِ وَلَا مَالِكَ لِلْأَمَةِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْخَادِمَ بِكُلِّ خَادِمٍ مَمْلُوكًا لَهَا أَوْ لَا، وَقَدْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْأَرْذَالِ لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَهَا بِبَنَاتِ الْأَشْرَافِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُوَافِقُهُ مَا قَيَّدَ بِهِ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَلَامَ الْخَصَّافِ حَيْثُ قَالَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي: لَوْ فُرِضَ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدَّقِيقِ وَالدُّهْنِ وَاللَّحْمِ وَالْإِدَامِ فَقَالَتْ لَا أَعْجِنُ وَلَا أَخْبِزُ وَلَا أُعَالِجُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِمَنْ يَكْفِيَهَا عَمَلَ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا إذَا كَانَ بِهَا عِلَّةٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ أَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تُبَاشِرُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا وَتَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِمَنْ يَفْعَلُهُ وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ السَّرَخْسِيُّ لَا تُجْبَرُ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ تَطْبُخْ لَا يُعْطِيهَا الْإِدَامَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالُوا إنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا دِيَانَةً وَإِنْ كَانَ لَا يُجْبِرُهَا الْقَاضِي اهـ.
وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلطَّبْخِ وَالْخَبْزِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَخَذَتْ لَأَخَذَتْ عَلَى عَمَلٍ وَاجِبٍ عَلَيْهَا فِي الْفَتْوَى فَكَانَ فِي مَعْنَى الرِّشْوَةِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا الْأَخْذُ اهـ.
وَهُوَ شَامِلٌ لِبَنَاتِ الْأَشْرَافِ أَيْضًا؛ وَلِذَا اسْتَدَلَّ فِي الْبَدَائِعِ لِوُجُوبِهِ دِيَانَةً بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «قَسَّمَ الْأَعْمَالَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ فَجَعَلَ أَعْمَالَ الْخَارِجِ عَلَى عَلِيٍّ وَأَعْمَالَ الدَّاخِلِ عَلَى فَاطِمَةَ» اهـ.
مَعَ أَنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَأَبُوهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَقَيَّدَ بِيَسَارِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْخَادِمِ عِنْدَ إعْسَارِهِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُعْسِرِ أَدْنَى الْكِفَايَةِ وَهِيَ قَدْ تَكْتَفِي بِخِدْمَةِ نَفْسِهَا، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ لُزُومِ اعْتِبَارِ حَالِهِمَا وَأَنَّهُ عِنْدَ إعْسَارِهِ دُونَهَا يُنْفِقُ بِقَدْرِ حَالِهِ وَالْبَاقِي دَيْنٌ عَلَيْهِ وَقِيَاسُهُ أَنْ تَجِبَ النَّفَقَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَالِبِ فِي اتِّخَاذِ النِّسَاءِ الْخَادِمَ مِنْ جِنْسِ الْجَوَارِي لَا أَنَّهُ قَيْدٌ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَفْرِضُ لِخَادِمَيْنِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: م، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَعْنِي غَيْرَ رِوَايَةِ الْخَادِمَيْنِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ فَائِقَةً بِنْتَ فَائِقٍ زُفَّتْ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا مَعَ خَدَمٍ كَثِيرَةٍ اسْتَحَقَّتْ نَفَقَةَ الْخَدَمِ كُلِّهَا عَلَى الزَّوْجِ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَدَمِكِ، وَلَكِنْ أُعْطِي خَادِمًا مِنْ خَدَمِي لِيَخْدُمكِ فَأَبَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمٍ وَاحِدٍ مِنْ خُدَّامِ الْمَرْأَةِ اهـ.
مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة. أَقُولُ: فَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِنْتَ فَائِقٍ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا لَا حَالُهَا الطَّارِئُ عَلَيْهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ تَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إلَخْ) فِي الْبَدَائِعِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِهَا عِلَّةٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ أَوْ كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ لَا تُجْبَرُ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَهِيَ مِمَّنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ