بَيْضَهَا حُضُونًا أَيْ: جَعَلَتْهُ فِي حِضْنِهَا وَحَضَنَهُ عَنْ حَاجَتِهِ أَيْ: حَبَسَهُ وَحَضَنَهُ عَنْ الْأَمْرِ إذَا نَحَّاهُ عَنْهُ وَالْحِضْنُ مَا دُونَ الْإِبْطِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقُّ الصَّغِيرِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى مَنْ يُمْسِكُهُ فَتَارَةً يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَقُومُ بِمَنْفَعَةِ بَدَنِهِ فِي حَضَانَتِهِ وَتَارَةً إلَى مَنْ يَقُومُ بِمَالِهِ حَتَّى لَا يَلْحَقَهُ الضَّرَرُ وَجُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى مَنْ أَقْوَمُ بِهِ وَأَبْصَرُ فَالْوِلَايَةُ فِي الْمَالِ جُعِلَتْ إلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْصَرُ وَأَقْوَمُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ النِّسَاءِ وَحَقُّ الْحَضَانَةِ جُعِلَ إلَى النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُنَّ أَبْصَرُ وَأَقْوَمُ عَلَى حِفْظِ الصَّبِيَّانِ مِنْ الرِّجَالِ لِزِيَادَةِ شَفَقَتِهِنَّ وَمُلَازَمَتِهِنَّ لِلْبُيُوتِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَبَ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ مُطْلَقًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ إمْسَاكُهُ وَحِفْظُهُ وَصِيَانَتُهُ إذَا اسْتَغْنَى عَنْ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ حَضَانَتِهِ عَلَى الْأُمِّ وَنَحْوِهَا مِنْ النِّسَاءِ، وَفِي جَبْرِهَا إذَا امْتَنَعَتْ فَصُرِّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّهَا لَا تُجْبَرُ؛ لِأَنَّهَا عَسَتْ أَنْ تَعْجِزَ عَنْ الْحَضَانَةِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّبْيِينِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي الْوَاقِعَاتِ، وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْجَبْرِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا رُبَّمَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْحَضَانَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقُّ الْأُمِّ وَالْمَوْلَى وَلَا يُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَقَالَ مَشَايِخنَا وَلَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الْخَالَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَعْجِزُ عَنْ ذَلِكَ اهـ.

فَأَفَادَ أَنَّ غَيْرَ الْأُمِّ كَالْأُمِّ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ بَلْ هُوَ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَذَكَرَ الْفُقَهَاءُ الثَّلَاثَةُ أَبُو اللَّيْثِ وَالْهِنْدُوَانِي وَخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى الْحَضَانَةِ وَتَمَسَّكَ لَهُمْ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ تَتْرُكَ وَلَدَهَا عِنْدَ الزَّوْجِ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْوَلَدِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أُمِّهِ مَا كَانَ إلَيْهَا مُحْتَاجًا زَادَ فِي الْمَبْسُوطِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُبْطِلَهُ بِالشَّرْطِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ الثَّلَاثَةِ هُوَ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي الْإِرْضَاعِ بَلْ فِي الْحَضَانَةِ قَالَ فِي التُّحْفَةِ ثُمَّ الْأُمُّ وَإِنْ كَانَتْ أَحَقَّ بِالْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الرَّضَاعَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ النَّفَقَةِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ فَتُجْبَرُ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّرْجِيحَ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَوْلَى الْإِفْتَاءُ بِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لِلصَّغِيرِ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَحِينَئِذٍ تُجْبَرُ الْأُمُّ كَيْ لَا يَضِيعَ الْوَلَدُ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ جَدَّةٌ مَثَلًا وَامْتَنَعَتْ الْأُمُّ مِنْ إمْسَاكِهِ وَرَضِيَتْ الْجَدَّةُ بِإِمْسَاكِهِ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ إلَى الْجَدَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ كَانَتْ حَقًّا لَهَا، فَإِذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا صَحَّ الْإِسْقَاطُ مِنْهَا وَعَزَا هَذَا التَّفْصِيلَ إلَى الْفُقَهَاءِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْأُمَّ لَمَّا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا بَقِيَ حَقُّ الْوَلَدِ فَصَارَتْ الْأُمُّ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتَةِ أَوْ الْمُتَزَوِّجَةِ فَتَكُونُ الْجَدَّةُ أَوْلَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأُمَّ إذَا امْتَنَعَتْ وَعُرِضَ عَلَى مَنْ دُونَهَا مِنْ الْحَاضِنَاتِ فَامْتَنَعَتْ أُجْبِرَتْ الْأُمُّ لَا مَنْ دُونَهَا وَلِذَا قَيَّدُوا جَوَابَ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ رَضِيَتْ الْجَدَّةُ بِإِمْسَاكِهِ وَذُكِرَ فِي السِّرَاجِيَّةِ أَنَّ الْأُمَّ تَسْتَحِقُّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْحَضَانَةَ حَقُّ الصَّغِيرِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَلْ هِيَ حَقُّ مَنْ تَثْبُتُ لَهَا الْحَضَانَةُ أَوْ حَقُّ الْوَلَدِ؟ خِلَافٌ، قِيلَ بِالْأَوَّلِ فَلَا تُجْبَرُ إنْ هِيَ امْتَنَعَتْ وَرَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَفِي الْوَاقِعَاتِ وَغَيْرِهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي الْخُلَاصَةِ. قَالَ مَشَايِخُنَا: لَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الْخَالَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجٌ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَعْجِزُ عَنْ ذَلِكَ وَقِيلَ بِالثَّانِي فَتُجْبَرُ وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ وَخُوَاهَرْ زَادَهْ وَالْهِنْدُوَانِي وَأَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ بِمَا فِي الْحَاكِمِ لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ تَتْرُكَ وَلَدَهَا عِنْدَ الزَّوْجِ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْوَلَدِ فَأَفَادَ أَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا أُجْبِرَتْ بِلَا خِلَافٍ اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَتْ الْأُمُّ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ وَقَالَتْ الْجَدَّةُ أَنَا آخُذُهُ دُفِعَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ حَقُّهَا، فَإِذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا صَحَّ الْإِسْقَاطُ مِنْهَا لَكِنْ إنَّمَا يَكُونُ لَهَا ذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ كَمَا هُنَا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أُجْبِرَتْ عَلَى الْحَضَانَةِ كَيْ لَا يَضِيعُ الْوَلَدُ كَذَا اخْتَارَهُ الْفُقَهَاءُ الثَّلَاثَةُ اهـ.

لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَقَدْ اُغْتُرَّ بِهِ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ مَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ الثَّلَاثَةُ قَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ رَحِمٌ فَحِينَئِذٍ تُجْبَرُ الْأُمُّ كَيْ لَا يَضِيعَ الْوَلَدُ وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي شَيْءٍ اهـ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاغْتُرَّ بِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا فِي الْفَتْحِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا أُجْبِرَتْ بِلَا خِلَافٍ.

(قَوْلُهُ وَذُكِرَ فِي السِّرَاجِيَّةِ) قَالَ فِي الْمِنَحِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا فَتَاوَى سِرَاجِ الدِّينِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَنَصُّهَا سُئِلَ: هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمُطَلَّقَةُ أُجْرَةً بِسَبَبِ حَضَانَةِ وَلَدِهَا خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ رَضَاعٍ لَهُ فَأَجَابَ نَعَمْ تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً عَلَى الْحَضَانَةِ، وَكَذَا إذَا احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ يُلْزَمُ بِهِ اهـ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةَ الْمَشْهُورَةَ لَكِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِهِ بِنُسْخَتِي وَالْعِلْمُ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِ الْعُلَمَاءِ اهـ.

وَأَقُولُ: بَلْ مُرَادُهُ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ فَإِنَّهُ فِي النَّفَقَاتِ عَزَاهُ إلَيْهَا صَرِيحًا، وَفِي الشرنبلالية فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ ثَلَاثَةٌ: أُجْرَةُ الرَّضَاعِ وَأُجْرَةُ الْحَضَانَةِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ اهـ.

وَقَالَ الرَّمْلِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ عَلَى الْأَبِ أَمْ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ لَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015