فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا لَا لَا يَنْبَغِي وَقَدْ صُرِّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أُطْلِقَ فِي الْأَمَةِ فَشَمِلَ الْمَدْخُولَ بِهَا وَغَيْرَهَا كَمَا أُطْلِقَ فِي الطَّلَاقِ فَشَمِلَ الرَّجْعِيَّ وَالْبَائِنَ الْوَاحِدَةَ وَالثِّنْتَيْنِ وَكُلٌّ مِنْ الْإِطْلَاقَيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجْعِيِّ وَالْبَائِنِ إذَا كَانَ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إلَّا أَنْ تَجِيءَ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إذَا وَلَدَتْ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَنَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ بَائِنٌ وَالْحُكْمُ فِي الْمُبَانَةِ أَنَّ نَسَبَ وَلَدِهَا يَثْبُتُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ نَعَمْ إنَّ مُحَمَّدًا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا اهـ.
وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا حُكْمُ الْمُبَانَةِ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ ثِنْتَيْنِ فَإِنَّهُ يَمْتَدُّ نَسَبُ الْوَلَدِ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يُدَّعَ، فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ إلَّا إذَا ادَّعَاهُ لِحُرْمَتِهَا حُرْمَةً غَلِيظَةً فَيُضَافُ الْعُلُوقُ إلَى أَبْعَدِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ مَا قَبْلَ الطَّلَاقِ حَمْلًا لِأَمْرِهِمَا عَلَى الصَّلَاحِ وَذُكِرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ فِي التَّقْيِيدِ بِالثِّنْتَيْنِ لِهَذَا الْحُكْمِ إيهَامًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ الطَّلَاقَ إذَا كَانَ وَاحِدًا بَائِنًا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فِيهِ إلَى سَنَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ فِي الْبَائِنِ يَثْبُتُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَإِنْ لَمْ يُدَّعَ اهـ.
وَجَوَابُهُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْنُونَةِ الْخَفِيفَةِ وَبَيْنَ الْغَلِيظَةِ فَإِنَّ فِي الْخَفِيفَةِ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الشِّرَاءِ أَيْضًا وَهُوَ أَنْ تَلِدَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ وَإِذَا كَانَ لِسَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَفِي الْغَلِيظَةِ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ وَلِسَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَالْإِيهَامُ فِي فَهْمِهِ لَا فِي كَلَامِ الْمَشَايِخِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُخْتَصَرِ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُبَانَةُ بِالثِّنْتَيْنِ فَإِنَّ فِيهِمَا لَا اعْتِبَارَ لِوَقْتِ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ الطَّلَاقِ فَفِي الْأُولَى يُشْتَرَطُ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ وِلَادَتُهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ لِسَنَتَيْنِ فَأَقَلَّ.
وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ لَوْ كَانَ طَلَاقُهَا رَجْعِيًّا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِعَشْرِ سِنِينَ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَلَا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ أَوْ أَقَلَّ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا أَتَتْ بِهِ الْمَبْتُوتَةُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي عِبَارَتِهِ هُنَا لِمَا قَدَّمَهُ سَابِقًا وَالتَّقْيِيدُ بِالطَّلَاقِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيمَا إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا وَاشْتَرَاهَا كَذَلِكَ أَيْ: كَحُكْمِ الْمُطَلَّقَةِ، فَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ لَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ وَتَقْيِيدُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِالرَّجْعِيِّ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ هُنَا كَالرَّجْعِيِّ إلَّا إذَا كَانَ غَلِيظًا.
وَالْمُرَادُ مِنْ الشِّرَاءِ الْمِلْكُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ لِلنِّكَاحِ الْمِلْكُ لَا خُصُوصُ سَبَبٍ لَهُ وَأَشَارَ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى الشِّرَاءِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ لَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ بِلَا دَعْوَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ بِالشِّرَاءِ بَطَلَ النِّكَاحُ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ لَكِنَّهَا لَا تَظْهَرُ فِي حَقِّهِ لِلْمِلْكِ وَبِالْعِتْقِ ظَهَرَتْ وَحُكْمُ مُعْتَدَّةٍ لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهَا وَلَكِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بَاعَهَا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِنْ ادَّعَاهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ أَنَّ النِّكَاحَ بَطَلَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَثْبُتُ بِلَا تَصْدِيقٍ كَمَا قَالَ فِي الْعِتْقِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِلَا دَعْوَةٍ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ ظَهَرَتْ ثَمَّ وَلَمْ تَظْهَرْ هُنَا وَقُيِّدَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُخْتَصَرِ بِمَا إذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ تُقِرَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّالِّ عَلَى اسْتِكْرَاهِ الرَّجْعَةِ بِغَيْرِ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ مُعْتَدَّتِهِ لَا مَمْلُوكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَهَا لَا يُحِلُّهَا لَهُ بَعْدَ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ حَتَّى تَنْكِحَ غَيْرَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ حُرْمَةٌ خَفِيفَةٌ بِأَنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَاحِدَةً بَائِنَةً، فَإِذَا شَرَاهَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ وَعِدَّتُهَا مِنْهُ لَا تُحَرِّمُهَا عَلَيْهِ، فَإِذَا وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيُضَافُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ وَالْحَادِثُ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ فَيَكُونُ وَلَدَ مَمْلُوكَتِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِلَا دَعْوَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِيَةِ لِسَنَتَيْنِ فَأَقَلَّ) مُخَالِفٌ لِمَا مُشِيَ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ وَلَدَ مُعْتَدَّةِ الْبَتِّ لَا يَثْبُتُ إلَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ النَّهْرِ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ مَحْمُولُ اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا مَحْمُولًا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَلَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ: بَيْنُونَةً خَفِيفَةً لِمَا قَدَّمَهُ أَنَّ الْغَلِيظَةَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا وَقْتُ الشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ لِمَا قَدَّمَهُ سَابِقًا) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَالْبَتُّ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا وَإِلَّا لَا، فَإِنَّهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهَا لَوْ جَاءَتْ الْمَبْتُوتَةُ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فَأَطْلَقَهُ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ.
(قَوْلُهُ وَحُكْمُ مُعْتَدَّةٍ لَمْ تُقِرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ وَحُكْمُ مُعْتَدَّةٍ عَنْ بَائِنٍ لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ذَلِكَ اهـ.
أَيْ: ثُبُوتُ النَّسَبِ إلَى سَنَتَيْنِ بِلَا دَعْوَةٍ