نَسَبُ وَلَدِ مُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ قَائِمًا وَقْتَ الطَّلَاقِ فَلَا يُتَيَقَّنُ بِزَوَالِ الْفِرَاشِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بِمَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ فَقَطْ وَبِمَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا وَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى الثَّانِي وَصَرَّحَ فِي الْمُجْتَبَى وَالنُّقَايَةِ بِأَنَّ حُكْمَ السَّنَتَيْنِ كَالْأَكْثَرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ أَمَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ حَادِثٌ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَلَا يَكُونُ مِنْهُ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا فِي الْعِدَّةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيِّ.
وَأَمَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِتَمَامِ السَّنَتَيْنِ فَمُشْكِلٌ فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ وَأَلْحَقُوا السَّنَتَيْنِ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا حَتَّى أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا النَّسَبَ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ وَجَوَابُهُ بِالْفَرْقِ فَإِنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْتُوتَةِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَوْ أَثْبَتْنَا النَّسَبَ مِنْهُ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ سَابِقًا عَلَى الطَّلَاقِ حَتَّى يَحِلَّ الْوَطْءُ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ كَوْنُ الْوَلَدِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ، وَفِي الْحَدِيثِ لَا يَمْكُثُ الْوَلَدُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَبْتُوتَةِ لِحِلِّ الْوَطْءِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَبْتُوتَةِ الْقَيْدَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الرَّجْعِيَّةِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِقْرَارِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ فِيهِمَا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَا مُقَيِّدَ بِمَا إذَا لَمْ تَلِدْ وَلَدًا قَبْلَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَالْجَارِيَةِ إذَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ بَعْدَ بَيْعِهَا ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْأَوَّلَ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ مِنْ عُلُوقٍ حَادِثٍ فَمِنْ ضَرُورَتِهِ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ عَلِقَ بِهِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ لِعَدَمِ الِاسْتِحَالَةِ حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَالْآخَرَ لِأَكْثَرَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ نَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْبَائِعَ الْتَزَمَهُ قَصْدًا بِالدَّعْوَةِ وَالزَّوْجَ لَمْ يَدَّعِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْأَوَّلَ كَانَ مِثْلَهُ، وَلَوْ خَرَجَ بَعْضُهُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَبَاقِيهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَكُونَ الْخَارِجُ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ نِصْفَ بَدَنِهِ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ أَكْثَرُ الْبَدَنِ لِأَقَلَّ وَالْبَاقِي لِأَكْثَرَ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ قَبْلَهُ قَالُوا فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ يُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَيَجِبُ أَنْ تَرُدَّ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَقَدْ أَخَذَتْ مَالًا لَا تَسْتَحِقُّهُ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَرُدُّهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَنْقَضِي إلَّا بِوَضْعِ الْحَمْلِ بِدَلِيلِ جَوَازِ عَدَمِ تَزَوُّجِهَا بِالْغَيْرِ قَبْلَ وَضْعِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ وَكَذَلِكَ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَامْتَدَّ مَرَضُهُ إلَى سَنَتَيْنِ وَامْتَدَّتْ عِدَّتُهَا إلَى سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِشَهْرٍ وَقَدْ كَانَ أَعْطَاهَا النَّفَقَةَ إلَى وَقْتِ الْوَفَاةِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهَا نَفَقَةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ قَالَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَرِثُ وَلَا يَسْتَرِدُّ مِنْهَا شَيْئًا اهـ.
وَأُطْلِقَ فِي الْبَتِّ فَشَمِلَ الْوَاحِدَةَ وَالثَّلَاثَ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَمِلَ الْحُرَّةَ وَالْأَمَةَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَمْلِكَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ مَلَكَهَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ وَلَا يَلْزَمُهُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مُفَصَّلًا، وَاعْلَمْ أَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ وَلَدِ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَالْبَائِنَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ أَوْ اعْتِرَافٍ مِنْ الزَّوْجِ بِالْحَبَلِ أَوْ حَبَلٍ ظَاهِرٍ، وَفِي الْخَانِيَّةِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ فِي الْعِدَّةِ وَوَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي كَانَ الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ طَلَاقِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ ثُمَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِتَمَامِ السَّنَتَيْنِ فَمُشْكِلٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ فَعَدَمُ ثُبُوتِهِ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ وَلِرِوَايَةِ الْإِيضَاحِ والإسبيجابي وَالْأَقْطَعِ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ الشَّارِحُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ كَوْنُ الْوَلَدِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ) قَالَ فِي النَّهْرِ مَمْنُوعٌ بِالْحَمْلِ عَلَى جَعْلِ الْعُلُوقِ فِي حَالِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَبْلَ زَوَالِ الْفِرَاشِ كَمَا قَرَّرَهُ قَاضِي خَانْ وَهُوَ حَسَنٌ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ أَنَّ قَوْلَ الْقُدُورِيِّ بِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِيمَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ سَهْوٌ وَالْمَذْكُورُ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَثْبُتُ وَالْحَقُّ حَمْلُهُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ لِتَوَارُدِ الْمُتُونِ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِهِ كَمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ؛ إذْ قَدْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَفِي الْوَافِي وَهَكَذَا صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَصَاحِبُ الْمَجْمَعِ وَهُمْ بِالرِّوَايَةِ أَدْرَى (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ عَدَمِ تَزَوُّجِهَا) الْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ