تَخْرُجُ الْمُعْتَدَّةُ لِسَفَرِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الْمُسَافَرَةُ بِالْمُعْتَدَّةِ، وَلَوْ عَنْ رَجْعِيٍّ وَقَدَّمْنَاهُ فِي بَابِهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ إقَامَتِهِ مَعَهَا فِي مَنْزِلِ الطَّلَاقِ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَإِذَا وَجَبَ الِاعْتِدَادُ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْكُنَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ عَدْلًا سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْتُوتَةِ بِسِتْرٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ فَاسِقًا فَيُحَالَ بِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ تَقْدِرُ عَلَى الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَعَذَّرَ فَلْتَخْرُجْ هِيَ وَتَعْتَدَّ فِي مَنْزِلٍ آخَرَ، وَكَذَا لَوْ ضَاقَ الْبَيْتُ وَإِنْ خَرَجَ هُوَ كَانَ أَوْلَى وَلَهُمَا أَنْ يَسْكُنَا بَعْدَ الثَّلَاثِ فِي بَيْتٍ إذَا لَمْ يَلْتَقِيَا الْتِقَاءَ الْأَزْوَاجِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ خَوْفُ فِتْنَةٍ اهـ.
وَهَكَذَا صُرِّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنَّ خُرُوجَهُ أَوْلَى مِنْ خُرُوجِهَا عِنْدَ الْعُذْرِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ أَرْجَحُ فَيَجِبُ الْحُكْمُ بِهِ كَمَا يُقَالُ إذَا تَعَارَضَ مُحَرِّمٌ وَمُبِيحٌ تَرَجَّحَ الْمُحَرِّمُ أَوْ فَالْمُحَرِّمُ أَوْلَى وَيُرَادُ مَا قُلْنَا فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا أَوْلَوِيَّةَ خُرُوجِهِ بِأَنَّ مُكْثَهَا وَاجِبٌ لَا مُكْثَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَائِلَ يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ خَلْوَةٌ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِالْحَائِلِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُعْتَرِفٌ بِالْحُرْمَةِ اهـ.
فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّتَهُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ، وَكَذَا حُكْمُ السُّتْرَةِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا وَلَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ أَجَانِبُ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْحَائِلَةِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مِنْ بَابِ مَا يُوضَعُ عِنْدَ الْعَدْلِ شَهِدَا أَوْ وَاحِدٌ عَدْلٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَدْ دَخَلَ يُمْنَعُ مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا مُدَّةَ الْمَسْأَلَةِ بِأَمِينَةٍ نَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقَدُ الْحِلُّ وَالْعَدْلُ كَغَيْرِهِ وَبِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ، فَإِنْ طَلَبَتْ النَّفَقَةَ تُفْرَضُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ مُدَّتَهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ. وَتَمَامُ مَسَائِلِ الْحَيْلُولَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ بَانَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فِي سَفَرٍ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ رَجَعَتْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مِصْرِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْصِدُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَقْصِدُ أَقَلَّ فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ رَجَعَتْ أَوْ مَضَتْ) أَيْ: لَوْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ خُيِّرَتْ إذَا كَانَ الْمَقْصِدُ كَذَلِكَ وَهِيَ فِي الْمَفَازَةِ وَلَكِنَّ الرُّجُوعَ أَوْلَى أَمَّا إذَا كَانَ الْمَقْصِدُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَخْتَارُ الْأَدْنَى.
(قَوْلُهُ مَعَهَا وَلِيٌّ أَوْ لَا) مُتَعَلِّقٌ بِالصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ فِي مِصْرَ تَعْتَدُّ ثَمَّةَ فَتَخْرُجُ بِمَحْرَمٍ) فَلَا تَخْرُجُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ أَوْ لَا قُيِّدَ بِالْبَائِنِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ رَجْعِيًّا تَابِعَةٌ لِلزَّوْجِ وَلَا تُفَارِقُهُ وَحَاصِلُ الْوُجُوهِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا وَمَقْصِدِهَا أَقَلُّ مِنْ السَّفَرِ فَتَتَخَيَّرُ وَالْأَوْلَى الرُّجُوعُ عَلَى مَا فِي الْكَافِي وَعَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَفَرًا وَالْآخَرُ دُونَهُ فَتَخْتَارُ مَا دُونَهُ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَفَرًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَفَازَةٍ أَوْ مِصْرٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مَفَازَةٍ تَخَيَّرَتْ وَالْأَوْلَى الرُّجُوعُ وَإِنْ كَانَتْ فِي مِصْرٍ لَمْ تَخْرُجْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ كَانَتْ الْجِهَتَانِ مُدَّةَ سَفَرٍ فَمَضَتْ أَوْ رَجَعَتْ وَبَلَغَتْ أَدْنَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ أَقَامَتْ فِيهِ وَاعْتَدَّتْ إنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا إنْ وَجَدَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَلَا وَكِيلَ لَهَا فَلَهَا ذَلِكَ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ تَبِيتَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ وَلَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ أَجَانِبُ) عِبَارَةُ الْمِعْرَاجِ، وَكَذَا فِي الْوَفَاةِ إنْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ مِنْ غَيْرِهَا غَيْرُ مَحْرَمٍ لَهَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ أَوْلَادَهُ الْكِبَارَ أَجَانِبُ لَهَا وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ امْرَأَةَ الْأَبِ تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَقَدْ مَرَّ فِي الْمُحَرَّمَاتِ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْآيَةِ لِلْعَقْدِ إجْمَاعًا وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ مِنْ وَرَثَتِهِ مَنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ لَهَا وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهَا لَا تَسْتَتِرُ مِنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ لَكِنْ رَأَيْت فِي كَافِي الْحَاكِمِ مَا نَصُّهُ وَإِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَلَيْسَ لَهَا إلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حِجَابًا وَكَذَلِكَ فِي الْوَفَاةِ إذَا كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ رِجَالٌ مِنْ غَيْرِهَا فَجَعَلُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا سِتْرًا أَقَامَتْ وَإِلَّا انْتَقَلَتْ اهـ.
وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ شَابَّةً يُخْشَى عَلَيْهَا الْفِتْنَةُ مِنْ الْخَلْوَةِ مَعَهُمْ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا مَحَارِمَ لَهَا لَكِنْ قَدْ يُمْنَعُ الْمَحْرَمُ كَمَا قَالُوا بِكَرَاهَةِ الْخَلْوَةِ بِالصِّهْرَةِ الشَّابَّةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ) ذُكِرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَنَّهُ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا كَمَا رَجَعَتْ تَصِيرُ مُقِيمَةً وَإِذَا مَضَتْ تَكُونُ مُسَافِرَةً مَا لَمْ تَصِلْ إلَى الْمَقْصِدِ، فَإِذَا قَدَرَتْ عَلَى الِامْتِنَاعِ عَنْ اسْتِدَامَةِ السَّفَرِ فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَ عَلَيْهَا ذَلِكَ.
[بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ]