قَدْ يَعْجِزُ عَنْ امْرَأَةٍ وَلَا يَعْجِزُ عَنْ غَيْرِهَا وَيَحْتَسِبُ مِنْ السَّنَةِ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَرَمَضَانَ وَحَجَّهُ وَغَيْبَتَهُ لَا بِمَرَضِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَصَحَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الشَّهْرَ لَا يُحْتَسَبُ وَمَا دُونَهُ يُحْتَسَبُ، وَفِي الْمُحِيطِ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ نِصْفَ الشَّهْرِ وَمَا دُونَهُ يُحْتَسَبُ وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ لَا يُحْتَسَبُ وَلَا بِحَجِّهَا وَغَيْبَتِهَا وَحَبْسِهَا وَامْتِنَاعِهَا مِنْ الْمَجِيءِ إلَى السِّجْنِ بَعْدَ حَبْسِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ، وَلَوْ عَلَى مَهْرِهَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ أَجَّلَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ وَجَدَ زَوْجَهَا مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ لَا يُؤَجِّلُ مَا لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ طَالَ الْمَرَضُ اهـ.
وَفِيهَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُظَاهِرًا مِنْهَا إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْإِعْتَاقِ أَجَّلَهُ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ أَمْهَلَهُ الْقَاضِي شَهْرَيْنِ لِلْكَفَّارَةِ ثُمَّ يُؤَجِّلُ وَإِنْ ظَاهَرَ بَعْدَ التَّأْجِيلِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيُحْتَسَبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ الْجَامِعِ أَصْلُهُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ تَجْرِي الْوَكَالَةُ فِيهِ يَنْتَصِبُ الْوَلِيُّ فِيهِ خَصْمًا فَالتَّفْرِيقُ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ وَعَدَمُ الْكَفَاءَةِ تَجْرِي الْوَكَالَةُ فِيهِ فَانْتَصَبَ الْوَلِيُّ فِيهِ خَصْمًا وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَجْرِي الْوَكَالَةُ فِيهِ لَا يَنْتَصِبُ الْوَلِيُّ خَصْمًا فِيهِ كَالْفُرْقَةِ بِالْإِبَاءِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَاللِّعَانِ اهـ. .
(قَوْلُهُ لَمْ يُخَيَّرْ أَحَدُهُمَا بِعَيْبٍ) أَيْ: لَا خِيَارَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِعَيْبٍ فِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بِالْعَقْدِ هُوَ الْوَطْءُ وَالْعَيْبُ لَا يُفَوِّتُهُ بَلْ يُوجِبُ فِيهِ خَلَلًا فَفَوَاتُهُ بِالْمَوْتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ فَاخْتِلَالُهُ أَوْلَى، وَفِي الْهِدَايَةِ أَنَّ اخْتِلَالَهُ بِالْمَوْتِ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فَبِالْعَيْبِ أَوْلَى وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الشَّارِحِينَ بِأَنَّ النِّكَاحَ مُؤَقَّتٌ بِحَيَاتِهِمَا وَلَمْ يُجِيبُوا وَأَجَبْت عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ لَا أَنَّهُ يَنْفَسِخُ قَالُوا وَالشَّيْءُ بِانْتِهَائِهِ يَتَقَرَّرُ وَلَا يَنْفَسِخُ.
وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَحْسَنُ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ لَا يُوجِبُ خِيَارَ الْفَسْخِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ بِالْمَوْتِ شَيْءٌ مِنْ مَهْرِهَا أَطْلَقَ الْعَيْبَ فَشَمِلَ الْجُذَامَ وَالْبَرَصَ وَالْجُنُونَ وَالرَّتَقَ وَالْقَرَنَ وَخَالَفَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَخَالَفَ مُحَمَّدٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ إذَا كَانَتْ بِالزَّوْجِ فَتُخَيَّرُ الْمَرْأَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِهَا فَلَا يُخَيَّرُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِالطَّلَاقِ دُونَهَا وَيَرِدُ عَلَيْهِ تَخْيِيرُ الْغُلَامِ إذَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ قَادِرٌ بِالطَّلَاقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ خِيَارَ الْبُلُوغِ لِدَفْعِ ضَرَرِ فِعْلِ الْغَيْرِ بِخِلَافِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ فَعَلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى، الْجُذَامُ مِنْ الْجَذْمِ بِفَتْحِ الْجِيمِ الْقَطْعُ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمِنْهُ يُقَالُ جُذِمَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ إذَا أَصَابَهُ الْجُذَامُ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ اللَّحْمَ وَيُسْقِطُهُ وَهُوَ مَجْذُومٌ قَالُوا وَلَا يُقَالُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَجْذَمُ وِزَانُ أَحْمَرَ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ.
وَفِي الْقَامُوسِ وَالْجُذَامُ كَالْغُرَابِ عِلَّةٌ تَحْدُثُ مِنْ انْتِشَارِ السَّوْدَاءِ فِي الْجَسَدِ كُلِّهِ فَيَفْسُدُ مِزَاجُ الْأَعْضَاءِ وَهَيْئَاتُهَا وَرُبَّمَا انْتَهَى إلَى تَآكُلِ الْأَعْضَاءِ وَسُقُوطِهَا عَنْ تَقَرُّحِ جَذْمٍ فَهُوَ مَجْذُومٌ وَمُجْذَمٌ وَأَجْذَمُ وَوَهَمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي مَنْعِهِ اهـ.
وَالْبَرَصُ مُحَرَّكَةٌ بَيَاضٌ يَظْهَرُ فِي ظَاهِرِ الْبَدَنِ لِفَسَادِ مِزَاجٍ بَرِصَ كَفَرِحَ فَهُوَ أَبْرَصُ وَأَبْرَصَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَجُنَّ بِالضَّمِّ جِنًّا وَجُنُونًا وَاسْتُجِنَّ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَتَجَنَّنَ وَتَجَانَّ وَأَجَنَّهُ اللَّهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ، وَأَمَّا الرَّتَقُ ضِدُّ الْفَتْقِ وَمُحَرَّكُهُ جَمْعُ رَتْقَةٍ وَمَصْدَرُ قَوْلِك امْرَأَةٌ رَتْقَاءُ بَيِّنَةُ الرَّتَقِ لَا يُسْتَطَاعُ جِمَاعُهَا أَوْ لَا خَرْقَ لَهَا إلَّا الْمَبَالُ خَاصَّةً، وَفِي الْمِصْبَاحِ رُتِقَتْ الْمَرْأَةُ رَتْقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ فَهِيَ رَتْقَاءُ إذَا اسْتَدَّ مَدْخَلُ الذَّكَرِ مِنْ فَرْجِهَا فَلَا يُسْتَطَاعُ جِمَاعُهَا وَالْقَرْنُ مِثْلُ فَلْسٍ الْعَفَلَةُ وَهُوَ لَحْمٌ يَنْبُتُ فِي الْفَرْجِ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحُ لَا يُقَاوِمُ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ قَدَّمَ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الشَّهْرَ لَا يُحْتَسَبُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَإِذَا لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ يُعَوَّضُ لِذَلِكَ عَوَّضَهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَطْلَقَ التَّعْوِيضَ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْفَصْلِ لِاسْتِلْزَامِهِ اسْتِئْنَافَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ وَلَمْ أَرَهُ لِعُلَمَائِنَا صَرِيحًا وَالْوَجْهُ يَقْتَضِيهِ فَتَأَمَّلْ، وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ هَرَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا لَا تُحْتَسَبُ تِلْكَ الْأَيَّامُ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ أَجَّلَهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ) هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَكَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْأَوْلَى إبْدَالُ الْإِحْرَامِ بِالْإِحْلَالِ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَدَائِعِ.
(قَوْلُهُ وَأَجَبْت عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ كُلٌّ مِنْ الْجَوَابَيْنِ غَيْرُ مَانِعٍ فِي دَفْعِ هَذَا الْإِيرَادِ لِمَنْ تَأَمَّلْ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ فَوْتَ الِاسْتِيفَاء أَصْلًا بِالْمَوْتِ يَعْنِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ قَبْلَ الْمَوْتِ مَعَ أَنَّا عَهِدْنَا ذَلِكَ شَرْعًا فِي الْبَيْعِ فَعَلِمْنَا أَنَّ اخْتِلَالَهُ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ أَوْلَى أَنْ لَا يُوجِبَهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ هُوَ الَّذِي يَفُوتُ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ أَصْلًا لَا بَعْدَهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْمُرَادُ وَيَنْدَفِعُ الْإِيرَادُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ وَالْقَرْنُ مِثْلُ فَلْسٍ الْعَفَلَةُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْقَرَنُ بِفَتْحِ رَائِهِ أَرْجَحُ مِنْ إسْكَانِهَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْقَرَنُ بِفَتْحِ الرَّاءِ هُوَ الْعَفَلَةُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ قَالُوا وَالْقَرَنُ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَصْدَرٌ فَالْفَتْحُ عَلَى إرَادَةِ الْمَصْدَرِ وَالْإِسْكَانُ عَلَى إرَادَةِ الِاسْمِ وَنَفْسُ الْعَفَلَةِ إلَّا أَنَّ الْفَتْحَ أَرْجَحُ لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِبَاقِي الْعُيُوبِ فَإِنَّهَا كُلُّهَا مَصَادِرُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ