الْعِشَاءِ بِالْكَسْرِ وَالسَّحُورُ بِفَتْحِ السِّينِ مَا يُؤْكَلُ فِي السَّحَرِ مَا قَبْلَ الصُّبْحِ وَبِالضَّمِّ الْأَكْلُ وَقْتَهُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بَعْدَ الشِّبَعِ إلَى مِقْدَارِ الطَّعَامِ حَتَّى رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَوْ قَدَّمَ أَرْبَعَةَ أَرْغِفَةٍ إلَى عَشْرَةِ مَسَاكِينَ وَشَبِعُوا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ صَاعًا أَوْ نِصْفَ صَاعٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَإِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِدَامِ فِي خُبْزِ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ لِيُمْكِنَهُمْ الِاسْتِيفَاءُ إلَى الشِّبَعِ بِخِلَافِ خُبْزِ الْبُرِّ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي جَوَازِ إطْعَامِ خُبْزِ الشَّعِيرِ بِالْإِدَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا نَصَّ عَلَى خُبْزِ الْبُرِّ فِي الزِّيَادَاتِ فَقَالَ الْبَعْضُ: لَا يَجُوزُ بِخُبْزِ الشَّعِيرِ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَهُ مَعَ الْإِدَامِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي الْيَنَابِيعِ لَوْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَكْلَةً وَاحِدَةً مُشْبِعَةً لَمْ يُجْزِ إلَّا عَنْ نِصْفِ الْإِطْعَامِ فَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا أَجْزَأَهُ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ فَأَطْعَمَ الْوَصِيُّ الْغَدَاءَ لِلْعَدَدِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتُوا قَبْلَ الْعَشَاءِ يَسْتَأْنِفُ فَيُغَدِّي وَيُعَشِّي غَيْرَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى التَّفْرِيقِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ؛ إذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِي الْمَوْتِ اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُكَفِّرَ إذَا غَدَّى الْعَدَدَ ثُمَّ غَابُوا أَنْ يَنْتَظِرَ حُضُورَهُمْ أَوْ يُعِيدَ الْغَدَاءَ مَعَ الْعَشَاءِ عَلَى عَدَدٍ غَيْرِهِمْ وَيَنْبَغِي فِي الْوَصِيِّ أَنْ يَنْتَظِرَ لِرَجَاءِ حُضُورِهِمْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْطَى فَقِيرًا شَهْرَيْنِ صَحَّ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ خُلَّةِ الْمُحْتَاجِ وَالْحَاجَةُ تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْأَيَّامِ فَتَكَرُّرُ الْمِسْكِينِ بِتَكَرُّرِ الْحَاجَةِ حُكْمًا فَكَانَ تَعْدَادًا حُكْمًا قُيِّدَ بِالتَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا غَدَّاهُ وَعَشَّاهُ سِتِّينَ يَوْمًا لَا يُجْزِئُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالتَّمْلِيكِ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ وَالْحَقُّ أَنْ لَا فَرْقَ عَلَى الْمَذْهَبِ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ لَوْ أَعْطَى طَعَامَ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَغَدَّاهُ وَعَشَّاهُ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا، وَفِي الْمِصْبَاحِ الْخَلَّةُ بِالْفَتْحِ الْفَقْرُ وَالْحَاجَةُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي يَوْمٍ لَا إلَّا عَنْ يَوْمِهِ) أَيْ: لَوْ أَعْطَى فَقِيرًا ثَلَاثِينَ صَاعًا فِي يَوْمٍ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ لِفَقْدِ التَّعَدُّدِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْحَاجَةِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا أَعْطَاهُ بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مُتَفَرِّقًا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي طَعَامِ الْإِبَاحَةِ لَا يَجُوزُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَإِنْ فَرَّقَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْكِسْوَةُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَالْإِطْعَامِ حَتَّى لَوْ أَعْطَى مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشْرَةَ أَثْوَابٍ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ يَجُوزُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِتَجَدُّدِ الْحَاجَةِ حُكْمًا بِاعْتِبَارِ تَجَدُّدِ الزَّمَانِ، وَفِي الْبَدَائِعِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَوْ غَدَّى رَجُلًا وَاحِدًا عِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ عَشَّى وَاحِدًا عِشْرِينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا، وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ أَعْطَى مِسْكِينًا عَنْ فِدْيَةِ صَوْمٍ يَوْمَيْنِ عَلَيْهِ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا، وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُجْزِئُهُ قِيلَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَأْنِفُ بِوَطْئِهَا فِي خِلَالِ الْإِطْعَامِ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا شَرَطَ فِي التَّحْرِيرِ وَالصَّوْمِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ التَّمَاسِّ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الْإِطْعَامِ وَلَا يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَإِنْ وَرَدَا فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَا حُكْمَيْنِ كَذَا فِي الْكَافِي إلَّا أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ قَبْلَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الصَّوْمِ وَالْإِعْتَاقِ فَتَنْتَقِلُ الْكَفَّارَةُ إلَيْهِمَا فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْوَطْءَ كَانَ حَرَامًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَطْعَمَ عَنْ ظِهَارَيْنِ سِتِّينَ فَقِيرًا كُلَّ فَقِيرٍ صَاعًا صَحَّ عَنْ وَاحِدٍ وَعَنْ إفْطَارٍ وَظِهَارٍ وَصَحَّ عَنْهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ زَادَ فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ وَنَقَصَ عَنْ الْمَحَلِّ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِقَدْرِ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ وَفِي الْجِنْسَيْنِ مُعْتَبَرَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَطْعَمَ عَشْرَةَ مَسَاكِينَ عَنْ يَمِينَيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعًا فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الظِّهَارَانِ لِامْرَأَتَيْنِ أَوْ لِوَاحِدَةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّقْصَانَ عَنْ الْعَدَدِ لَا يَجُوزُ فَالْوَاجِبُ فِي الظِّهَارَيْنِ إطْعَامُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الْوَاجِبِ إلَى الْأَقَلِّ كَمَا لَوْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا لِكُلِّ وَاحِدٍ صَاعًا فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي عَنْ ظِهَارٍ وَاحِدٍ وَالْمُرَادُ بِالْمَدْفُوعِ الْبُرُّ؛ إذْ لَوْ كَانَ تَمْرًا أَوْ شَعِيرًا فَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَعْطَى لِكُلِّ فَقِيرٍ صَاعَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يَكُونَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا جَازَ) أَيْ: سِتِّينَ مِنْ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ.

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي فِي الْوَصِيِّ أَنْ يُنْتَظَرَ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ فِي حَقِّهِ دُونَ غَيْرِهِ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ وُجُودِهِمْ فَيَسْتَأْنِفَ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ قَبْلَهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْقُدْرَةَ حَالَ قِيَامِ الْعَجْزِ بِالْفَقْرِ وَالْكِبَرِ وَالْمَرَضِ الَّذِي لَا يُرْجَى زَوَالُهُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ وَبِاعْتِبَارِ الْأُمُورِ الْمَوْهُوبَةِ لَا تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ ابْتِدَاءً بَلْ يَثْبُتُ الِاسْتِحْبَابُ وَرَعًا فَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِمَا ذَكَرْنَا أَوَّلَ الْفَصْلِ مِنْ النَّصِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015