وَنَقَلَ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ اهـ.
قُلْت إنَّمَا رُقِمَ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيِّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْعَلَاءُ التَّرْجُمَانِيُّ ثُمَّ رُقِمَ بَعْدَهُ لِعُمَرَ النَّسَفِيِّ، وَقَالَ حَلَفَ بِثَلَاثَةٍ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَعَلِمَتْ الْحِنْثَ، وَظَنَّتْ أَنَّهَا لَوْ أَخْبَرَتْهُ يُنْكِرُ الْيَمِينَ فَإِذَا غَابَ عَنْهَا بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ فَلَهَا التَّحَلُّلُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً قَالَ عُمَرُ النَّسَفِيُّ سَأَلْت عَنْهَا السَّيِّدَ أَبَا شُجَاعٍ فَكَتَبَ أَنَّهُ يَجُوزُ ثُمَّ سَأَلْته بَعْدَ مُدَّةٍ فَقَالَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَجَابَ فِي امْرَأَةٍ لَا يَوْثُقُ بِهَا اهـ.
كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهِدَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إنْ كَانَ غَائِبًا سَاغَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا لِأَنَّ الزَّوْجَ إنْ أَنْكَرَ اُحْتِيجَ إلَى الْقَضَاءِ بِالْفُرْقَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إلَّا بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ. اهـ.
وَفِيهَا سَمِعَتْ بِطَلَاقِ زَوْجِهَا إيَّاهَا ثَلَاثًا، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ إنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ يَقْرَبُهَا تَقْتُلْهُ بِالدَّوَاءِ، وَلَا تَقْتُلُ نَفْسَهَا، وَذَكَرَ الْأُوزْجَنْدِيُّ أَنَّهَا تَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ تُحَلِّفُهُ فَإِنْ حَلَفَ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَالْبَائِنُ كَالثَّلَاثِ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَسُئِلَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ عَنْ امْرَأَةٍ سَمِعَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا هَلْ يَسَعُهَا أَنْ تَقْتُلَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَقْرَبَهَا، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ إلَّا بِالْقَتْلِ فَقَالَ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ، وَهَكَذَا كَانَ فَتْوَى الْإِمَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَطَاءِ بْنِ حَمْزَةَ أَبِي شُجَاعٍ، وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ يَقُولُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ، وَفِي الْمُلْتَقَطِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ السَّمَرْقَنْدِيِّ فِي مَنَاقِبِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْتُلَهُ، وَفِي الْمُحِيطِ فِي مَسْأَلَةِ النَّظْمِ، وَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ بِمَالِهَا، وَتَهْرُبَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ قَتَلَتْهُ مَتَى عَلِمَتْ أَنَّهُ يَقْرَبُهَا، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تَقْتُلَهُ بِالدَّوَاءِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَقْتُلَ نَفْسَهَا قُلْت قَالَ فِي الْمُنْتَقَى، وَإِنْ قَتَلَتْهُ بِالْآلَةِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ. اهـ.
وَفِي التَّتِمَّةِ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ حُرِّمَتْ عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا يَقْدِرُ أَنْ تَتَخَلَّصَ، وَلَوْ غَابَ عَنْهَا سَحَرَتْهُ، وَرَدَّتْهُ إلَيْهَا هَلْ يَحْتَالُ فِي قَتْلِهَا بِالسُّمِّ وَغَيْرِهِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْهَا قَالَ لَا يَحِلُّ، وَيُبْعَدُ عَنْهَا بِأَيِّ وَجْهٍ قُدِرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ لِلْأَوَّلِ) أَيْ كُرِهَ التَّزَوُّجُ لِلثَّانِي بِشَرْطِ أَنْ يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنْ أُحْلِلْك لَهُ أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ نَوَيَا كَانَ مَأْجُورًا لِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَقِيلَ الْمُحَلِّلُ مَأْجُورٌ، وَتَأْوِيلُ اللَّعْنِ إذَا شَرَطَ الْأَجْرَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ فَيَنْتَهِضُ سَبَبًا لِلْعِقَابِ لِمَا رَوَى النَّسَائِيّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ مَرْفُوعًا «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَاسِدًا لَمَا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَكْرُوهٍ لَمَا لَعَنَهُ، وَهَلْ هَذَا الشَّرْطُ لَازِمٌ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ زَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ نَفْسَهَا مِنْ الثَّانِي بِشَرْطِ أَنْ يُجَامِعَهَا، وَيُطَلِّقَهَا لِتَحِلَّ لِلْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ النِّكَاحُ، وَالشَّرْطُ جَائِزَانِ حَتَّى إذَا أَبَى الثَّانِي طَلَاقَهَا أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ، وَحَلَّتْ لِلْأَوَّلِ. اهـ.
وَنَقَلَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ رَوْضَةِ الزَّنْدُوسِيِّ، وَرَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُعْرَفُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَلَا يُحْكَمُ بِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ كَوْنِهِ ضَعِيفَ الثُّبُوتِ تَنْبُو عَنْهُ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَالْعُقُودُ فِي مِثْلِهِ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا يَفْسُدُ كَالْبَيْعِ، وَنَحْوِهِ، وَمِنْهَا مَا يَبْطُلُ فِيهِ، وَيَصِحُّ الْأَصْلُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ النِّكَاحَ مِمَّا لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ بَلْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَيَصِحُّ هُوَ فَيَجِبُ بُطْلَانُ هَذَا، وَأَنْ لَا يُجْبَرَ عَلَى الطَّلَاقِ نَعَمْ يُكْرَهُ الشَّرْطُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَحْمَلِ الْحَدِيثِ، وَيَبْقَى مَا، وَرَاءَهُ، وَهُوَ قَصْدُ التَّحْلِيلِ بِلَا كَرَاهَةٍ. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَيَهْدِمُ الزَّوْجُ الثَّانِي مَا دُونَ الثَّلَاثِ) حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ وَطَلَّقَهَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا إنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَثِنْتَيْنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً، وَلَا يَتَحَقَّقُ فِي الْأَمَةِ إلَّا هَدْمُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثِنْتَيْنِ فِي الْحُرَّةِ، وَوَاحِدَةً فِي الْأَمَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلزَّوْجَيْنِ ذَلِكَ دِيَانَةً، وَإِذَا عَلِمَ بِهِمَا الْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فَحِينَئِذٍ لَا فَائِدَةَ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ أَيْ كُرِهَ التَّزَوُّجُ لِلثَّانِي) الْأَصْوَبُ مَا فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ عَنْ الْحَمَوِيِّ مَعْزِيًّا إلَى الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلْأَوَّلِ، وَالثَّانِي جَمِيعًا. اهـ. وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ.