لِلْحَالِ.

وَيَتَجَدَّدُ انْعِقَادُهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كُلَّمَا حَنِثَ فِي يَمِينِهِ أَمَّا أَيْمَانٌ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ أَيْمَانٌ مُنْعَقِدَةٌ لِلْحَالِ انْحَلَّتْ بَعْضُهَا، وَبَقِيَ بَعْضُهَا مُنْعَقِدَةً بَعْدَ الْحِنْثِ إلَى أَنْ يُوجَدَ شَرْطُهَا، وَعَلَى رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ الْمُنْعَقِدَةُ لِلْحَالِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَيَتَجَدَّدُ انْعِقَادُهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كُلَّمَا حَنِثَ لِأَنَّ الْجَزَاءَ لَمْ يُذْكَرْ إلَّا مَرَّةً، وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ. وَجْهُ رِوَايَةِ الْجَامِعِ أَنَّ كُلَّمَا بِمَنْزِلَةِ تَكْرَارِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَالْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَرَةَ الِاخْتِلَافِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَظْهَرَ الثَّمَرَةُ فِيمَا إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَحْلِفُ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا حَلَفْت فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ عَلَّقَ بِكَلِمَةِ كُلَّمَا فَعَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ يَقَعُ الْآنَ الثَّلَاثُ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ يَقَعُ الْآنَ وَاحِدَةٌ، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنْ لَا يَحْلِفَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْحَالِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا زَادَ عَلَى الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَرَفَعَ الْحَالَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ فَقَضَى بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ دُخُولِ زَوْجٍ آخَرَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ ثَانِيًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُنْعَقِدَةَ بِكَلِمَةِ كُلَّمَا لِلْحَالِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَتَجَدَّدُ انْعِقَادُهَا كُلَّمَا وَقَعَ الْحِنْثُ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ أَمْ الْمُنْعَقِدَةُ بِهَا فِي الْحَالِ أَيْمَانٌ كَمَا هُوَ رِوَايَةِ الْجَامِعِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَيَحْنَثُ فِي الْبَعْضِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَتَبْقَى الْبَاقِيَةُ مُنْعَقِدَةً فَمَنْ قَالَ بِهَذَا شَرَطَ الْقَضَاءَ ثَانِيًا، وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْقَضَاءَ ثَانِيًا. اهـ.

وَهَذَا بَيَانُ ثَمَرَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُعَلِّقِ بِالتَّزَوُّجِ لَا مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ وَزَوَالُ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ، وَالْجَزَاءُ بَاقٍ لِبَقَاءِ مَحَلِّهِ فَتَبْقَى الْيَمِينُ، وَسَيَأْتِي أَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ بِالثَّلَاثِ مُبْطِلٌ لِلتَّعْلِيقِ فَكَانَ مُرَادُهُ هُنَا الزَّوَالُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ بِأَنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ طَلَقَتْ، أَطْلَقَ الْمِلْكَ فَشَمِلَ مِلْكَ النِّكَاحِ، وَمِلْكَ الْيَمِينِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَدَخَلَ عَتَقَ، وَقَيَّدَ بِزَوَالِ الْمِلْكِ لِأَنَّ زَوَالَ إمْكَانِ الْبِرِّ الْمُصَحِّحِ لِلتَّعْلِيقِ مُبْطِلٌ لَهُ أَيْضًا، وَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعٌ مِنْهَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أَدْفَعْ إلَيْك الدِّينَارَ الَّذِي عَلَيَّ إلَى شَهْرٍ فَأَنْتِ كَذَا فَأَبْرَأَتْهُ قَبْلَ الشَّهْرِ بَطَلَ الْيَمِينُ. اهـ.

وَمِنْهَا مَا فِي الْقُنْيَةِ إنْ لَمْ تَرُدِّي ثَوْبِي السَّاعَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَخَذَهُ هُوَ قَبْلَ أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ لَا يَحْنَثُ، وَقِيلَ يَحْنَثُ، وَهَكَذَا إنْ لَمْ تَجِيئِي بِفُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَجَاءَ فُلَانٌ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ بِنَفْسِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالْيَمِينُ مُوَقَّتَةٌ بَطَلَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ دَعَا امْرَأَتَهُ إلَى الْوِقَاعِ فَأَبَتْ فَقَالَ مَتَى يَكُونُ فَقَالَتْ غَدًا فَقَالَ إنْ لَمْ تَفْعَلِي هَذَا الْمُرَادَ غَدًا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ نَسِيَاهُ حَتَّى مَضَى الْغَدُ لَا يَحْنَثُ. حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ سَاكِنُ دَارِهِ الْيَوْمَ، وَالسَّاكِنُ ظَالِمٌ غَالِبٌ يَتَكَلَّفُ فِي إخْرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَالْيَمِينُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِاللِّسَانِ. اهـ.

وَذَكَرَ قَبْلَهُ فِيهَا فُرُوعًا تَحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ حَلَفَ إنْ لَمْ يُخَرِّبْ بَيْتَ فُلَانٍ غَدًا فَقُيِّدَ، وَمُنِعَ فَلَمْ يُخَرِّبْهُ حَتَّى مَضَى الْغَدُ اخْتَلَفَ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الثَّانِيَةِ اقْتَضَى تَكَرُّرَ الْجَزَاءِ بِتَكَرُّرِ الْوُقُوعِ فَيَتَكَرَّرُ غَيْرَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَزِيدُ عَلَى الثَّلَاثِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهَا، وَفِي الْأُولَى اقْتَضَى تَكَرُّرُهُ بِتَكَرُّرِ طَلَاقِهِ، وَلَا يُقَالُ طَلَّقَهَا إذَا طَلَقَتْ بِوُجُودِ الشَّرْطِ فَيَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ إحْدَاهُمَا بِحُكْمِ الْإِيقَاعِ، وَالْأُخْرَى بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا زَادَ عَلَى الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ) أَيْ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا وُجُوبُ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الَّذِي بَعْدَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى طَلَاقًا مُعَلَّقًا بِكَلِمَةِ كُلَّمَا أَنْ يَجِبَ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ لِلْحَالِ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ غَيْرَ طَلَاقٍ فَلَا تَجِبُ إلَّا وَاحِدَةٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ زَوَالَ إمْكَانِ الْبِرِّ الْمُصَحِّحِ لِلتَّعْلِيقِ مُبْطِلٌ لَهُ) أَقُولُ: الْمُصَحِّحُ بِالْجَرِّ نَعْتٌ لِإِمْكَانِ الْبِرِّ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ إمْكَانُ الْبِرِّ فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ، وَلَوْ زَالَ الْإِمْكَانُ بَعْدَ وُجُودِهِ أَبْطَلَ التَّعْلِيقَ فَإِمْكَانُ الْبِرِّ شَرْطُ الِانْعِقَادِ، وَشَرْطٌ لِبَقَائِهِمَا أَيْضًا لَكِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا لِبَقَائِهَا إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً كَمَا يَأْتِي ثُمَّ الْمُرَادُ بِإِمْكَانِ الْبِرِّ إمْكَانُهُ عَقْلًا، وَإِنْ اسْتَحَالَ عَادَةً، وَلِذَا أَجْمَعُوا عَلَى انْعِقَادِهَا فِي حَلِفِهِ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ أَوْ لَيَقْلِبَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبًا فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ عَقْلًا، وَقَدْ وَقَعَ الصُّعُودُ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِعِيسَى، وَإِدْرِيسَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -، وَإِنَّمَا لَمْ تَنْعَقِدْ فِي حَلِفِهِ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ، وَلَا مَاءَ فِيهِ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ أَصْلًا فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ انْعِقَادِهَا.

وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ تَنْعَقِدُ فَإِذَا صَبَّ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ تَبْطُلُ لِأَنَّ مَا صُبَّ لَا يُمْكِنُ شُرْبُهُ عَقْلًا، وَلَا عَادَةً فَقَدْ عَرَضَ زَوَالُ الْإِمْكَانِ فَبَطَلَتْ فَلِذَا لَمْ يَحْنَثْ فِي الصُّورَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَحَنِثَ فِي مَسْأَلَةِ الصُّعُودِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَسِيَاهُ حَتَّى مَضَى الْغَدُ لَا يَحْنَثُ) أَيْ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ عَلَى طَلَبِ الرَّجُلِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْمُنْتَقَى عَنْ رَجُلٍ دَعَا امْرَأَتَهُ إلَخْ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ يَتَعَلَّقُ بِطَلَبِ الرَّجُلِ فَقَالَ نَعَمْ، وَسُئِلَ عَنْهَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ لَا يَقَعُ. اهـ.، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015