بِشُهُودٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِهِمْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالذِّكْرِ لَا يَنْفِي الْحُكْمَ عَمَّا عَدَاهُ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مَذْكُورَةٍ فِي وَكَالَةِ الصُّغْرَى بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ بِعْهُ بِكَفِيلٍ بِعْهُ بِرَهْنٍ وَمَعَ النَّهْيِ لَا يَمْلِكُ الْمُخَالَفَةَ كَقَوْلِهِ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِشُهُودٍ إلَّا فِي قَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْهُ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ وَتَوْضِيحُهُ فِيهَا وَحَاصِلُهُ إنْ أَمَرَ بِالتَّطْلِيقِ بِوَصْفٍ مُقَيَّدٍ بِمَشِيئَتِهَا إذَا خَالَفَتْ فِي ذَلِكَ الْوَصْفِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْكِتَابِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَلَّقًا بِمَشِيئَتِهَا وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.
(قَوْلُهُ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت فَقَالَتْ شِئْت إنْ شِئْت فَقَالَ شِئْت يَنْوِي الطَّلَاقَ أَوْ قَالَتْ شِئْت إنْ كَانَ كَذَا لِمَعْدُومٍ بَطَلَ) لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهَا الْمُنَجَّزَةَ وَهِيَ أَتَتْ بِالْمُعَلَّقَةِ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَقَالَتْ شِئْت مُقْتَصِرَةً عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ شِئْت طَلَاقِي إنْ شِئْت فَقَالَ شِئْت نَاوِيًا الطَّلَاقَ وَقَعَ لِكَوْنِهِ شَائِيًا طَلَاقَهَا لَفْظًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَذْكُرْ الطَّلَاقَ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ لِلطَّلَاقِ وَلَا عِبْرَةَ بِالنِّيَّةِ بِلَا لَفْظٍ صَالِحٍ لِلْإِيقَاعِ كَاسْقِنِي نَاوِيًا الطَّلَاقَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: شِئْت طَلَاقَك يَقَعُ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ تُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ لِأَنَّهَا مِنْ الشَّيْءِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ بِخِلَافِ أَرَدْت طَلَاقَك لِأَنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنْ الْمَوْجُودِ بَلْ هُوَ طَلَبُ النَّفْسِ الْوُجُودَ عَنْ مَيْلٍ فَقَدْ أَثْبَتَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ، وَالْإِرَادَةِ فَرْقًا فِي صِفَاتِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَا مُتَرَادِفَيْنِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا هُوَ اللُّغَةُ فِيهِمَا مُطْلَقًا فَلَا يَدْخُلُهُمَا وُجُودٌ أَيْ لَا يَكُونُ الْوُجُودُ جُزْءَ مَفْهُومِ أَحَدِهِمَا غَيْرَ أَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَكَذَا مَا أَرَادَهُ لِأَنَّ تَخَلُّفَ الْمُرَادِ إنَّمَا يَكُونُ لِعَجْزِ الْمُرِيدِ لَا لِذَاتِ الْإِرَادَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ الْمُؤَثِّرَةَ لِلْوُجُودِ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصَّةُ الْقُدْرَةِ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهَا الْمُخَصَّصَةُ لِلْمَقْدُورِ الْمَعْلُومِ وُجُودُهُ بِالْوَقْتِ، وَالْكَيْفِيَّةِ ثُمَّ الْقُدْرَةُ تُؤَثِّرُ عَلَى وَفْقِ الْإِرَادَةِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَخَلَّفُ شَيْءٌ عَنْ مُرَادِهِ تَعَالَى لِمَا قُلْنَا فِي الْمَشِيئَةِ بِخِلَافِ الْعِبَادِ وَعَنْ هَذَا لَوْ قَالَ أَرَادَ اللَّهُ طَلَاقَك يَنْوِيهِ يَقَعُ كَمَا قَالَ شَاءَ اللَّهُ بِخِلَافِ أَحَبَّ اللَّهُ طَلَاقَك أَوْ رَضِيَهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُمَا لَا يَسْتَلْزِمَانِ مِنْهُ تَعَالَى الْوُجُودَ وَأَحْبَبْت طَلَاقَك وَرَضِيته مِثْلُ أَرَدْته.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَشِيئَةِ، وَالْإِرَادَةِ فِي صِفَاتِ الْعِبَادِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ الْعَامِّ فَإِنَّ فِيهِ الْوُجُودَ، وَالْمَشِيئَةُ مِنْهُ وَلَمَّا كَانَ مُحْتَمَلُ اللَّفْظِ تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ فَلَزِمَ الْوُجُودُ فِيهَا فَإِذَا قَالَ شِئْت كَذَا فِي التَّخَاطُبِ الْعُرْفِيِّ فَمَعْنَاهُ أَوْجَدْته عَنْ اخْتِيَارٍ بِخِلَافِ أَرَدْت كَذَا مُجَرَّدًا يُفِيدُ عُرْفًا عَدَمَ الْوُجُودِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْمِعْرَاجِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ النِّيَّةُ مَعَ ذِكْرِ الطَّلَاقِ صَرِيحًا لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ وُجُودَهُ وُقُوعًا وَقَدْ يَقْصِدُ وُجُودَهُ مِلْكًا فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِتَعْيِينِ جِهَةِ الْوُجُودِ وُقُوعًا.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ شِئْت طَلَاقَك ذُكِرَ فِي شَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِلَا نِيَّةِ الْإِيقَاعِ اهـ.
وَلَوْ قَالَ شَيْئِيّ طَلَاقَك نَاوِيًا الطَّلَاقَ فَقَالَتْ شِئْت وَقَعَ، وَلَوْ قَالَ أَرِيدِيهِ أَوْ أَحَبِّيهِ أَوْ اهْوِيهِ أَوْ اُرْضِيهِ نَاوِيًا فَأَجَابَتْهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ الطَّلَبِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ الْوُجُودَ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عَلَى إرَادَتِهَا وَنَحْوُهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ يَقَعُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ سَهْوٌ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ عَلَى النِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ شِيئِي الطَّلَاقَ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الطَّلَاقَ إلَيْهَا فَيَحْتَمِلُ تَفْوِيضَ طَلَاقِ غَيْرِهَا وَأَمَّا شِيئِي طَلَاقَك فَإِنَّهُ يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَوْجِدِي طَلَاقَك كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَذُكِرَ فِي الْمَوَاقِفِ إنَّ الْإِرَادَةَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا صِفَةٌ ثَالِثَةٌ مُغَايِرَةٌ لِلْعِلْمِ، وَالْقُدْرَةِ تُوجِبُ تَخْصِيصَ أَحَدِ الْمَقْدُورَيْنِ بِالْوُقُوعِ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ إنْ أَحْبَبْت فَقَالَتْ شِئْت وَقَعَ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمَحَبَّةِ وَزِيَادَةً.
وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَقَالَتْ أَحْبَبْت لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْإِيجَادِ فَلَمْ تُوجَدْ الْمَشِيئَةُ، وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ نَعَمْ أَوْ قَبِلَتْ أَوْ رَضِيَتْ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهَا لَفْظًا وَذَلِكَ لَيْسَ بِمَشِيئَةٍ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ قَبِلْت فَقَالَتْ شِئْت حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا أَتَتْ بِالْقَبُولِ وَزِيَادَةٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْكِتَابِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ لَا تَرِدُ لِانْصِرَافِهِ إلَى الْمُنَجَّزِ دُونَ الْمُعَلَّقِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ فِيهِ الْوُجُودَ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ تَحْرِيفًا، وَالْأَصْلُ فَإِنَّهُ فِيهِ الْمَوْجُودُ أَيْ فَإِنَّ الشَّيْءَ فِي الْعُرْفِ هُوَ الْمَوْجُودُ، وَالْمَشِيئَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْهُ فَتُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ فَتَوْجِيهُهُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْعُرْفُ فِيهِ يَعْنِي يَكُونُ الْعُرْفُ الْعَامُّ أَنَّ الشَّيْءَ الْمَوْجُودَ، وَالْمَشِيئَةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَهْوٌ. . . إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَيْسَ بِسَهْوٍ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمَشِيئَةِ مِنْ النِّيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّهُ الْمَشِيئَةُ، وَإِنْ كَانَتْ تُنْبِئُ عَنْ الْوُجُودِ إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ وُجُودَهُ وُقُوعًا، وَقَدْ يَقْصِدُ وُجُودَهُ مِلْكًا إذْ لَا يَقَعُ بِالشَّكِّ، وَفِي قَوْلِهِ شِيئِي طَلَاقَك يَحْتَمِلُ أَوْجِدِيهِ مِلْكًا فَكَيْفَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ