لِلْعَدَدِ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثَلَاثًا إنْ نَوَى الزَّوْجُ الثَّلَاثَ وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَقَعُ وَاحِدَةً اهـ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ مُشْكِلٌ عَلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ فَإِنَّهُ نُقِلَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا وَقَعَتْ وَاحِدَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَذَكَرَهُ فِي الْمِعْرَاجِ، وَالْعِنَايَةِ فَإِذَا قَالَ: أَمْرُك بِيَدِك وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا مِنْ الْعَدَدِ فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا كَيْفَ لَا تَقَعُ الْوَاحِدَةُ عِنْدَهُ بَلْ الْوُقُوعُ بِالْأَوْلَى فَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مُشْكِلٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةً اتِّفَاقًا لِامْتِثَالِهَا بِالْأَوَّلِ وَيَلْغُو مَا بَعْدَهُ وَأَوْرَدَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَتْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلِّقِي وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِي فَطَلَّقَتْهُنَّ جَمِيعًا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ اعْتِبَارًا بِمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَيْضًا بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الثَّلَاثَ اسْمٌ لِعَدَدٍ خَاصٍّ لَا يَقَعُ عَلَى مَا دُونَهُ وَلَا عَلَى مَا عَدَاهُ وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْعُمُومِ، وَالْوَاحِدُ خَاصٌّ وَإِرَادَةُ الْخُصُوصِ مِنْ الْخُصُوصِ مُمْتَنِعَةٌ وَاسْمُ النِّسَاءِ عَامٌّ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى مِقْدَارٍ بِعَيْنِهِ، وَالْعَامُّ مَا يَنْتَظِمُ جَمِيعًا مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَلَا تَحْدِيدٍ وَإِرَادَةُ الْخُصُوصِ مِنْ الْعُمُومِ سَائِغَةٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ النِّسَاءَ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَاحِدَةً يَحْنَثُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي وَكَالَةِ الْمَبْسُوطِ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا إنْ نَوَى الزَّوْجُ وَقَعَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَا يَقَعُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا اهـ.
وَلَعَلَّهُ إنْ أَجَازَ الزَّوْجُ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ بِتَطْلِيقِ الثَّلَاثِ فَتَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَتَوَقَّفَ فِي الْمَرْأَةِ أَيْضًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا مَحَلَّ لَهَا لِأَنَّ نِيَّةَ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ الْوَاحِدَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُهُ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ طَلِّقْهَا ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ يَقَعُ وَاحِدَةً لِلْحَالِ وَيَبْطُلُ الْبَاقِي بِلَا خِلَافٍ عَلَى الصَّحِيحِ لِوُجُودِ الْمُوَافَقَةِ فِي اللَّفْظِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي أَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ بِطَلَاقِهَا قَرِيبًا فَارْجِعْ إلَيْهِ وَقِيَاسُهُ فِي أَمْرِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ بِأَلْفٍ وَهِيَ مَحَلٌّ يَقَعُ وَاحِدَةً بِثُلُثِهَا وَكَذَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ، وَإِنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لِرِضَاهُ وَإِلَّا وَقَعَتْ بِغَيْرِ شَيْءٍ بِشَرْطِ الْعِدَّةِ وَكَذَا الثَّالِثُ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ بِأَلْفٍ فَطَلَّقْت ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ بِهَا فَعَلَى مَا مَرَّ لَا يَقَعُ فِي الْبَاقِي إلَّا بِإِيقَاعٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إضَافَتَهُ بِخِلَافِ جِنَايَةٍ وَقِيلَ عِنْدَهُ لَا يَقَعُ أَصْلُهُ طَلِّقِي وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً وَعَكْسُهُ لَا) أَيْ لَا يَقَعُ فِيهِمَا، وَالْمُرَاد بِالْعَكْسِ أَنْ يَقُولَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا وَلَا خِلَافَ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّ تَفْوِيضَ الثَّلَاثِ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ هُوَ مَشِيئَتُهَا إيَّاهَا لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ شِئْت الثَّلَاثَ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ لِأَنَّهَا لَمْ تَشَأْ إلَّا وَاحِدَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقَيَّدْ بِالْمَشِيئَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ مَا لَوْ قَالَتْ شِئْت وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً مُنْفَصِلًا بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِالسُّكُوتِ لِأَنَّ السُّكُوتَ فَاصِلٌ فَلَمْ يُوجَدْ مَشِيئَةُ الثَّلَاثِ وَخَرَجَ عَنْ هَذِهِ الصُّوَرِ إذَا كَانَ بَعْضُهَا مُتَّصِلًا بِالْبَعْضِ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ لِأَنَّ مَشِيئَةَ الثَّلَاثِ قَدْ وُجِدَتْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْكُلِّ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَدْخُولَةِ وَغَيْرِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَعَدَمُ الْوُقُوعِ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا قَوْلُ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ وَاحِدَةً لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمَشِيئَةَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ طَلِّقِي نَفْسَك عَشْرًا إنْ شِئْت فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا لَا يَقَعُ اهـ.
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَكْفِي الْمُوَافَقَةُ فِي الْمَعْنَى بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُوَافَقَةِ فِي اللَّفْظِ، وَإِنْ خَالَفَ فِي الْمَعْنَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ بَعْدَهُ: لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شِئْت فَقَالَتْ شِئْت نِصْفَ وَاحِدَةٍ لَا تَطْلُقُ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ إنْ أَجَازَ الزَّوْجُ يَقَعُ وَإِلَّا فَلَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ: كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ سَوْقِ الْخِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ وَمَسْأَلَةُ الْفُضُولِيِّ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا هَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ لَفْظَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَعَتْ سَهْوًا مِنْ الْكَاتِبِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي غَالِبِ الْكُتُبِ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ قَرِيبًا عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ تَأَمَّلْ.