الْإِكْرَاهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى الْإِكْرَاهِ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا لَا نَدْرِي أَكَفَرَ أَمْ لَا، وَقَالَ الْأَسِيرُ إنَّمَا أُجْرِيَتْ كَلِمَةُ الْكُفْرِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ وَلَوْ قَالَتْ لِلْقَاضِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا حَكَيْت قَوْلَ النَّصَارَى فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ إلَّا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ بَانَتْ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ قَالَ وَصَلْتُ بِكَلَامِي فَقُلْت النَّصَارَى يَقُولُونَ وَكَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: مَعَ الْيَمِينِ وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حُكِمَ بِهِ اهـ.

وَهُوَ مُشْكِلٌ إنْ صَحَّتْ النُّسْخَةُ لِأَنَّ النُّكُولَ شُبْهَةٌ، وَالتَّكْفِيرُ لَا يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَبِينُ بِالنُّكُولِ وَلَا يَثْبُتُ كُفْرُهُ

وَإِنْ قِيلَ لَا تَبِينُ أَيْضًا فَمُشْكِلٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فَائِدَةَ فِي التَّحْلِيفِ مَعَ أَنَّهُ لِرَجَاءِ النُّكُولِ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَوْطُوءَةِ الْمَهْرُ) لِتَأَكُّدِهِ بِهِ أَطْلَقَهُ ارْتِدَادُهُ وَارْتِدَادُهَا، وَالْخَلْوَةُ بِهَا لِأَنَّهَا وَطْءٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهَا النِّصْفُ إنْ ارْتَدَّ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ مُوجِبَةٌ لِنِصْفِ الْمَهْرِ عِنْدَ التَّسْمِيَةِ وَلِلْمُتْعَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا (قَوْلُهُ:، وَإِنْ ارْتَدَّتْ لَا) أَيْ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْحُرَّةَ، وَالْأَمَةَ الْكَبِيرَةَ، وَالصَّغِيرَةَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ بِقَتْلِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ لَا بِقَتْلِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ هُنَا لِلِاكْتِفَاءِ بِمَا ذَكَرُوهُ هُنَاكَ وَحُكْمُ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ كَحُكْمِ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدُّ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ، وَإِنْ ارْتَدَّتْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالْإِبَاءُ نَظِيرُهُ) أَيْ إنَّ إبَاءَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ نَظِيرُ الِارْتِدَادِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا كُلُّ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَهَا النِّصْفُ إنْ كَانَ هُوَ الْآبِي عَنْ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْآبِيَةُ فَلَا شَيْءَ لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا وَأَسْلَمَا مَعًا لَمْ تَبِنْ) اسْتِحْسَانًا لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ لِأَنَّ جِهَةَ الْمُنَافَاةِ بِرِدَّةِ أَحَدِهِمَا عَدَمُ انْتِظَامِ الْمَصَالِحِ بَيْنَهُمَا، وَالْمُوَافَقَةُ عَلَى الِارْتِدَادِ ظَاهِرَةٌ فِي انْتِظَامِهَا بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَمُوتَا بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمَشَايِخُ بِأَنَّ بَنِي حَنِيفَةَ ارْتَدُّوا ثُمَّ أَسْلَمُوا وَلَمْ تَأْمُرُهُمْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِتَجْدِيدِ الْأَنْكِحَةِ وَلَمَّا لَمْ تَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا أَنَّ رِدَّتَهُمْ وَقَعَتْ مَعًا إذْ لَوْ حُمِلَتْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَسَدَتْ أَنْكِحَتُهُمْ وَلَزِمَهُمْ التَّجْدِيدُ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَعِيَّةِ عَدَمُ تَعَاقُبِ كُلِّ زَوْجَيْنِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ أَمَّا جَمِيعُهُمْ فَلَا لِأَنَّ الرِّجَالَ جَازَ أَنْ يَتَعَاقَبُوا وَلَا تَفْسُدُ أَنْكِحَتُهُمْ إذَا كَانَ كُلُّ رَجُلٍ ارْتَدَّ مَعَ امْرَأَتِهِ مَعًا وَحُكْمُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِذَلِكَ حُكْمٌ بِالظَّاهِرِ لَا بِالْحَمْلِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَيِّمَ الْبَيْتِ إذَا أَرَادَ أَمْرًا تَكُونُ قَرِينَتُهُ فِيهِ قَرِينَتَهُ وَتَعَقَّبَهُمْ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ ارْتِدَادَهُمْ بِمَنْعِهِمْ الزَّكَاةَ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلِ أَنَّ مَنْعَهُمْ كَانَ لِجَحْدِ افْتِرَاضِهَا وَلَمْ يُنْقَلْ وَلَا هُوَ لَازِمٌ وَقِتَالُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَسْتَلْزِمُهُ لِجَوَازِ قِتَالِهِمْ إذَا أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِهِمْ حَقًّا شَرْعِيًّا وَعَطَّلُوهُ، وَالْأَوْجَهُ الِاسْتِدْلَال بِوُقُوعِ رِدَّةِ الْعَرَبِ وَقِتَالِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ بَنِي حَنِيفَةَ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ وَهُوَ قَطْعِيٌّ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِتَجْدِيدِ الْأَنْكِحَةِ اهـ.

وَفِي الصِّحَاحِ حَنِيفَةُ أَبُو حَيٍّ مِنْ الْعَرَبِ وَلَمَّا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ التَّبَايُنَ سَبَبٌ لِلْفُرْقَةِ عُلِمَ أَنَّهُمَا إذَا ارْتَدَّا ثُمَّ لَحِقَ أَحَدُهُمَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا تَبِينُ بِالتَّبَايُنِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ارْتَدَّا مَعًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُمَا ارْتَدَّا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ سَبْقَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ سَبْقَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي الرِّدَّةِ جَعَلَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُمَا وُجِدَا مَعًا كَمَا فِي الْغَرْقَى، وَالْحَرْقَى وَقَيَّدَ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا كَانَ تَحْتَهُ نَصْرَانِيَّةٌ فَتَمَجَّسَا مَعًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ تَقَعُ الْفُرْقَةُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَقَعُ لِأَنَّهُمَا ارْتَدَّا مَعًا لِأَنَّ تَمَجُّسَ الْمَرْأَةِ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَّةِ لِأَنَّهَا أَحْدَثَتْ زِيَادَةَ صِفَةٍ فِي الْكُفْرِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ إحْدَاثِ أَصْلِ الْكُفْرِ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ الرِّدَّةُ مِنْهَا لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَيْسَتْ إلَّا بِتَبْدِيلِ أَصْلِ الدِّينِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا تَبْدِيلُ أَصْلِ الدِّينِ فَقَدْ وُجِدَ ارْتِدَادُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَبَانَتْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ تَهَوَّدَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا مَا أَحْدَثَتْ زِيَادَةَ صِفَةٍ فِي

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَا بِالْحَمْلِ) أَيْ لَا بِالْحَمْلِ عَلَى أَنَّ كُلَّ زَوْجَيْنِ ارْتَدَّا مَعًا لِلْجَهْلِ بِالْحَالِ كَالْغَرْقَى، وَالْحَرْقَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ. . . إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: قَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ فَأَسْلَمُوا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ كَانَ جَحْدًا اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُجْدِي فَإِنَّ ذَلِكَ مَحَلُّ النِّزَاعِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ارْتَدَّا مَعًا. . . إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: الْمُرَادُ أَنْ لَا يُعْرَفَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَمَّا الْمَعِيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ فَمُتَعَذَّرَةٌ وَمَا فِي الْبَحْرِ فِيهِ بُعْدٌ ظَاهِرٌ نَعَمْ ارْتِدَادُهُمَا مَعًا بِالْفِعْلِ مُمْكِنٌ بِأَنْ حَمَلَا مُصْحَفًا وَأَلْقَيَاهُ فِي الْقَاذُورَاتِ أَوْ سَجَدَا لِلصَّنَمِ مَعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015