"612هـ/ 1224م" أسس فريدريك الثاني جامعة نابولي لترجمة العلوم العربية إلى اللغة اللاتينية، وانتشرت في جميع أجزاء أوروبا، وإلى ما بعد النهضة الأوروبية الكبرى بقيت جامعات فرنسا وإنكلترا وإيطاليا تعتمد على المراجع العربية1.
وقرب نهاية العصر الوسيط دخل الشرق العربي في دور ركود ذهني واضمحلال اقتصادي، وشهد "القرن السادس عشر" خاتمة تأثير العرب في الدراسات الأوروبية، وإن بقيت منه شوارد متخلفة إلى أوليات "القرن التاسع عشر"2 ومنذ "القرن السابع عشر" أخذت الحضارتان تتباعدان، وأخذت أوروبا تستعيد ماضيها الكلاسيكي القديم فأصبح الاتصال الذهني بالمشرق ترفا بعد أن ظل أمدا طويلا بحاجة ماسة، وبعد أن كانت الحضارة الإسلامية هي المعلم، أخذت تتحول بالتدريج إلى موضوع يدرس وبهذه الصفة صار إسهامها في عملية التأويل الذاتي الغربية ثمينة لا تقدر بثمن، ورغم ذلك نجد أنه في القرن الرابع عشر "لم تقبل جامعة باريس إدخال دراسة أرسطو إلا مفسرة في شرح ابن رشد "ت 595هـ/ 1198م" كما نذكر أن دراسات ابن خلدون الاجتماعية، قد تسلفت العلوم الاجتماعية بما يربو على "أربعة قرون" لقد سبقه السكاكي "627هـ/ 1229م"، في بيان أثر البيئة في الفكر، لكن ابن خلدون تجاوز سلفه شوطا بعيدا3.
- كانت العلوم تنقل إلى الغرب إما باكتشاف "إحياء" الفكر الإغريقي ثانية عن طريق بيزنطة أو بوساطة الترجمة العربية، وليس ثمة ميدان من ميادين الخبرة الإنسانية لم يزد ثروة الغرب فيها غنى، وإن نفس وجود العالم الإسلامي كان له أثره في صوغ التاريخ الأوروبي والحضارة الأوروبية إلى حد بعيد، مما نلمس أثره في إنتاج توماس أكويناس، الذي استخدم مذهب "ابن ميمون" "ت601هـ/ 1204م" "وابن رشد"