بعد أن يتم اختيار المشكلة يبدأ الباحث بتحديدها وبيان حدودها ومن ثم عرضها، وهو أمر ليس سهلا بل هو أدق وأصعب مراحل البحث العلمي، ونعني بتحديد المشكلة صياغتها في عبارات واضحة ومفهومة ومحددة، تعبر عن مضمون المشكلة طبيعتها ومادتها الأساسية، مما يرشد الباحث إلى مصادر تساعده في معالجتها، وهذا يعطي نصف الحل في وضوح واكتمال بحيث لا يكون هناك أي لبس فيما يتعلق بموضوع الدراسة.
وهناك طريقتان لصياغتها: إما أن تصاغ بعبارة لفظية تقديرية، أو تصاغ بسؤال أو أكثر وهو الأفضل من الناحية العلمية، ولكي يسهل ذلك على الباحث عليه أن يقف على الأسباب التي أدت إلى وجود المشكلة والأبعاد المكونة لها، وللوقوف عليها يجب أن يتم نوع من التعاون بين الباحث وبين من لهم خبرة وتخصص في مجال المشكلة، وعلى الباحث أن يحصل على إجابات علمية ومقنعة لعدد من الأسئلة النظرية التي ترتبط بموضوع المشكلة، تاريخ ظهورها ومدى تطورها والنقص الناجم عن القيام بدراستها، أو سبق أن درسها باحثون آخرون، والقراءة التحليلية لهذه الدراسات تبين للباحث مدى إمكانية القيام بدراستها بمنهج علمي والجوانب التي لم تدرس، والأبعاد التي تتطلب اهتمامات أكثر، بحيث تصبح نقطة البدء في البحث، وتمييز نقاط الضعف والقوة من حيث الإطار النظري أو المنهج المتبع، بخاصة إذا أدى بحثه إلى تعديل هذا الإطار وفق مستجدات البيئة.
أما أبعاد المشكلة أو حدودها: فيأتي تعيينها بعد أن يقوم الباحث بكتابة مقدمة بحثه وتحديد دقيق المشكلة البحث، ويقصد من أبعاد المشكلة تعيين جوانب المشكلة ومجالاتها، بهدف المزيد من التحديد والتوجه نحو الفرض الرئيس للمشكلة، مما يعمل على جعل اهتمامات الباحث مركزة على محور المشكلة بعد وضع حدودها.