هي الخطوة الأولى في كل بحث، يختار الباحث فيها موضوعا يود استكشاف نواحيه ودراسته، وبتعبير آخر طرح مشكلة، هذه الخطوة الإيجابية هي التي تطلق إشارة البدء في العمل وتوجهه وتحدده، والباحث الأصيل هو الذي يعرف كيف يختار المشكلة، أو يعرف كيف يسأل ليأتي جواب له أهميته بالنسبة له، أهمية واقعية وقيمة وجودية، تتجاوب مع واقع قائم في المحيط المدروس.
يجد ناشئة الباحثين صعوبة في اختيار موضوعاتهم، وكثيرا ما يلجئون إلى بعض الباحثين بخاصة أساتذة الجامعات لتحديد موضوع البحث، وهي طريقة غير مستحسنة، فقد يقترح عليهم هؤلاء موضوعات لا تتفق والميول الحقيقية لهم، فيعثرون فيها وقلما يحسنونها، لهذا فإن اهتداء الباحث إلى بحث يحدده من خلال قراءته، وعكوفه على ما كتبه الباحثون من قبله في مجال بحثه، يجعله يستبين موضوعا يتفق وميوله، ولا بد للباحث من ثقافة واسعة كي يهتدي إلى بحث طريف أصيل، وبتعبير آخر تكون المشكلة موضوع البحث مبادرة ذاتية من الباحث، منبثقة من فضوله العلمي الخاص1.
ومن فوائد هذه الطريقة أن القراءة الواسعة والاطلاع تنشئ في عقل الباحث كثيرا من الأفكار والخواطر التي يمكن استغلالها فيما يبحث ويختار من موضوعات، وتنشئ في نفسه إحساسا عميقا بأنه سينفذ إلى أفكار وآراء لم يصل إليها من سبقه في البحث، وبهذا يخلص الباحث نفسه من الانقياد لأفكار الباحثين السابقين له، يدون الأفكار ليناقشها، ويضيف عليها أفكاره، لهذا كان التكون الأول للشخص الباحث أمرا ضروريا، وفي هذه الحالة يختار الباحث موضوعه الذي سيجعله المشكلة العلمية البحثية.
فإذا انبثقت المشكلة في ذهنه واتضحت أطرها عبر مطالعاته السابقة، يتم في هذه الحالة تحديده الأولي لها بيسر، وإلا فلا بد من أن يقوم بمزيد من القراءات والمطالعات الأولية، لكشف الأطر العامة للمشكلة، ومقابلات مع أشخاص بحثوا في مشكلة قريبة