يقول الفيلسوف "فرنسيس بيكون" "F. رضي الله عنهacon" بأن النظرية العلمية تعتمد على الحدس أو التوقع "صلى الله عليه وسلمnticipation" وسلسلة متلاحقة من الأحداث في فترة قصيرة، ويبدو أن مثل هذا القول ينطبق إلى حد ما على النماذج، وجميعها أشبه بالمادة الخام تحتاج إلى التنقية والتكرار من الشوائب وتحتوى على بعض الاستثناءات، وكلها قابلة للرفض، ولكن هناك فروقا جوهرية بين النظريات العلمية والنماذج:
- إن للنظريات قدرة كبيرة من حيث الصياغة، وهي مبنية على أساس تجريبي، وتستخدم مفاهيم ذات تعاريف علمية، بينما النموذج يستخدم عبارات منطقية، وبذلك فهي في حد ذاتها غير مؤكدة.
- تسلك النظرية المنهج العلمي الذي يستفيد من الخبرة السابقة، وعلى ضوئها يمكن توقع المستقبل وشكله، والتوقع هام، والعلم في جوهره هو القدرة على عمل التوقعات الكلية السليمة عن أصالة أي نظام، إذا توافرت الخبرة السابقة عن هذا النظام أو أي نظام مشابه له، لكن التوقع ليس هو كل شيء إنما المهم هو أن نفهم النظام والقدرة التي تساعدنا على الضبط والسيطرة على الظاهرة التي نحن بصددها وهذه تعتمد على إمكاناتنا وقدراتنا على عمل توقعات من أي نوع، والمنهج العلمي يستند في أساسه على أسلوبين:
1- الأسلوب الاستقرائي "inductive": والذي يعتمد على معلوماتنا السابقة وقياساتنا للظروف والملابسات وتتبع خط سير الظاهرة واتجاهاتها.
2- الأسلوب الاستنتاجي "deductive": وهو حدسي وعقلي ويستند على تصوراتنا للشيء ورؤيتا له ولكن ما دامت النماذج ليست مؤكدة في نتائجها فلماذا إذن نهتم بها ونشغل أنفسنا ببنائها؟ ولماذا لا نحاول دراسة الحقائق والظاهرات مباشرة دون وساطتها أو الاعتماد عليها؟ يعود ذلك للأسباب التالية:
1- إن بناء النموذج أمر محتوم: لأنه ليس هناك أي حد فاصل بين الحقائق والمعتقدات، والنماذج هي بمثابة النظريات وقوانين ومعادلات أو أشياء حدسية "Hunches" تبين وتوضح هذه المعتقدات عن العالم الذي يفكر فيه ونراه ونلمسه ونحسه وندركه.
2- إن بناء النموذج أمر اقتصادي لأنه يساعدنا، بل يمكننا من تعميم ما لدينا من معلومات بشكل مكثف ومركز، ورغم ما فيها من شذوذ عن المألوف وعدم انطباق.