ولما وافقت اللجنة على اختيار الكتاب للدراسة ولم يجد الطلاب منه نسخا من طبعة مكة وتعسر الوصول إليها مع تكرار الطلب أشار عليّ بعض الإخوان أن أسعى في إعادة طبعه بمصر، ورغبوا إليّ أن أصححه وأكتب عليه شبه شرح لأبحاثه مع تحقيق بعض المسائل الدقيقة في علم المصطلح، فبادرت إلى النزول عند إرادتهم ووفق لنا الأخ الفاضل محمود افندي توفيق الكُتُبي بمصر، وأجاب إلى طبع الكتاب.
وقد قمت بتصحيحيه والتعليق عليه كما التزمت بعون الله وتوفيقه وحرصت على أكثر الحواشي التي كتبها الأخ الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة ورمزت إليها بحرف (ح)، ورمزت إلى ما كتبت بحرف (ش) أو تركته من غير رمز إليه (?).
وأحب أن أشير هنا إلى فائدة هذا العلم الذي سمي بهذا الاسم المتواضع "مصطلح الحديث" وأثاره في العلوم الشرعية والتاريخية وغيرها من سائر الفنون التي يرجع في إثباتها إلى صحة النقل والثقة به.
فإن المسلمين اشتدت عنايتهم من عهد الصدر الأول بحفظ أسانيد شريعتهم من الكتاب والسنة بما لم يعن به أمة قبلهم فحفظوا القرآن ورووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترا آية آية، وكلمة كلمة، وحرفا حرفا، حفظ في الصدر وإثباتا بالكتابة بالمصاحف حتى رووا أوجه نقطه بلهجات القبائل، ورووا طرق رسمه في المصاحف وألفوا في ذلك كتب مطوله وافيه، وحفظوا أيضا عن نبيهم كل أقواله وأفعاله