. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . S

= القدر. إنما المحدث: من عرف الأسانيد والعلل، وأسماء الرجال، والعالي والنازل، وحفظ مع ذلك جملة مستكثرة من المتون، وسمع الكتب الستة، ومسند أحمد بن حنبل، وسنن البيهقي، ومعجم الطبراني، وضم إلى هذا القدر ألف جزء من الأجزاء الحديثية، هذا أول درجاته، فإذا سمع ما ذكرناه، وَكَتَبَ الطِّبَاقَ، ودار على الشيوخ، وتكلم في العلل والوفيات والأسانيد: كان في أول درجات المحدثين، ثم يزيد الله من يشاء ما يشاء".

ودون هذين من يسمى "المسنِد" - بكسر النون- وهو الذي يقتصر على سماع الأحاديث وإسماعها، من غير معرفة بعلومها أو إتقان لها، وهو الرَّاوية فقط.

وقد وصف التاج السبكي هؤلاء الرواة فقال: "ومن أهل العلم طائفة طلبت الحديث، وجعلت دأبها السماع على المشايخ، ومعرفة العالي من المسموع والنازل، وهؤلاء هم المحدثون على الحقيقة، إلا أن كثيرا منهم يجهد نفسه في تهجي الأسماء والمتون، وكثرة السماع، من غير فهم لما يقرؤونه، ولا تتعلق فكرته بأكثر من أني حَصَّلْتُ جزء ابن عرفة عن سبعين شيخا. وجزء الأنصاري عن كذا كذا شيخا. وجزء البطاقة، ونسخة ابن مُسْهِر، وأنحاء ذلك! ! وإنما كان: السلف يسمعون فيقرؤون، فيرحلون، فيفسرون، ويحفظون فيعلمون ".

وأما عصرنا هذا فقد ترك الناس فيه الرواية جملة، ثم تركوا الاشتغال بالأحاديث إلا نادرًا وقليل أن ترى منهم من هو أهل لأن يكون طالبا لعلوم السنة، وهيهات أن تجد من يصح أن يكون محدثا.

وأما الحفظ فإنه انقطع أثره، وختم بالحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله ثم قارب السخاوي والسيوطي أن يكونا حافظين، ثم لم يبق بعدهما أحدٌ. ومن يدري؟ فلعل الأمم الإسلامية تستعيد مجدها، وترجع إلى دينها وعلومها، ولا يعلم الغيب إلا الله. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ ... ) [1] [شاكر].

_____

[1] أخرجه مسلم في صحيحه (145).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015