. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . S

= هؤلاء لاختلط الأمر على العلماء والدهماء؛ ولسقطت الثقة بالأحاديث: رسموا قواعد للنقد، ووضعوا علم الجرح والتعديل، فكان من عملهم علم مصطلح الحديث، وهو أدق الطرق التي ظهرت في العلم للتحقيق التاريخي، ومعرفة النقل الصحيح من الباطل. فجزاهم الله عن الأمة والدين أحسن الجزاء، ورفع درجاتهم في الدنيا والأخرة، وجعل لهم لسان صدق في الآخرين.

وقد قيل لعبد الله ابن المبارك الإمام الكبير: هذه الأحاديث الموضوعة؟ فقال: تعيش لها الجهابذة (إنا نحن نزلنا الذكر وإن له لحافظون) [1].

ومن الأحاديث الموضوعة المعروفة: الحديث المروي عن أبي بن كعب مرفوعا في فضائل القرآن سورة سورة. وقد ذكره بعض المفسرين في تفاسيرهم، كالثعلبي والواحدي والزمخشري والبيضاوي وقد أخطأوا في ذلك خطأ شديدا. قال الحافظ العراقي [2]: " لكن من أبرز إسناده منهم كالأولين - يعني الثعلبي والواحدي - فهو أبسط لعذره، إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده وإن كان لا يجوز له السكوت عليه وأما من لم يبرز سنده وأورده بصيغة الجزم - فخطؤه أفحش ". وأكثر الأحاديث الموضوعة كلام اختلقه الواضع من عند نفسه. وبعضهم جاء لكلام بعض الحكماء، أو لبعض الأمثال العربية، فركب لها إسنادا مكذوبا؛ ونسبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها من قوله. وقد يأتي الوضع من الراوي غير مقصود له، وليس هذا من باب الموضوع بل هو من باب المدرج، كما حدث لثابت بن موسى الزاهد في حديث: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ". وقد سبق تفصيلا في باب المدرج. [شاكر]

_____

[1] الكامل 1/ 103

[2] شرح التبصرة ص 125.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015