قال بعضُ هَؤلاء الجهلة: نحن ما كَذَبنا عليه، إنما كَذَبنا له! وهذا من كمال جهلهم، وقلة عقلهم، وكثرة فجورهم وافترائِهم، فإنه عليه الصلاة والسلام لا يحتاج في كمال شريعته وفضلها إلى غيره.
وقد صنف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتاباً حافلاً في الموضوعات، غير أنه أدخل فيه ما ليس منه، وخرج عنه ما كان يلزمه ذكره، فسقط عليه ولم يهتد إليه. «1» S
«1» [شاكر] ألَّف الحافظ أبو الفَرج عبد الرحمن بن الجَوْزِي كتابا كبيرا في مجلدين، جمع فيه كثيرا من الأحاديث الموضوعة، أخذ غالبه من كتاب الأباطيل للجوزقاني. ولكن أخطأ في بعض أحاديث انتقدها عليه الحفاظ.
قال الحافظ ابن حجر: "غالب ما في كتاب ابن الجوزي موضوع، والذي ينتقد عليه بالنسبة إلى ما لا ينتقد قليل جدا [1]. وفيه من الضرر أن يظن ما ليس بموضوع موضوعا، عكس الضرر بـ "مستدرك الحاكم "، فإنه يظن ماليس بصحيح صحيحا. ويتعين الاعتناء بانتقاد الكتابين، فإن الكتابين في تساهلهما عُدم الانتفاع بهما إلا بعالم للفن، لأنه ما من حديث إلا ويمكن أن يكون قد وقع فيه التساهل". وقد لخص الحافظ السيوطي كتاب ابن الجوزي وتتبع كلام الحُفاظ في تلك الأحاديث، وخصوصا كلام الحافظ ابن حجر فى تصانيفه وأماليه، ثم أفرد الأحاديث المتعقبة في كتاب خاص، وهما: (اللآلي المصنوعة)، و (ذيل اللآلي المصنوعة). وألف ابن حجر كتاب (القول المسدد في الذب عن المسند) أي مسند الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله، ذكر فيه أربعة وعشرين حديثا من المسند، جاء بها ابن الجوزي في الموضوعات وحكم عليها بذلك. ورد عليه ابن حجر ودفع قوله. ثم ألف السيوطي ذيلا عليه ذكر فيه أربعة عشر حديثا أخرى كتلك من المسند، ثم ألف ذيلا لهذين الكتابين سماه: (القول الحسن في الذب عن السنن) أورد فيه مائة وبضعة وعشرين حديثا - من السنن الأربعة - حكم ابن الجوزي بأنها موضوعة، ورد عليه حكمه. =
_____
[1] انظر النكت الوفية 1/ 548، والتدريب 1/ 329