وَلِهَذَا يَقُولُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي بَعْضِ الضُّعَفَاءِ "يَصْلُحُ لِلِاعْتِبَارِ"، أَوْ "لَا يَصْلُحُ أَنْ يُعْتَبَرَ بِهِ" وَاللَّهُ أَعْلَمُ «1». S
«1» [شاكر] لم يوضح المؤلف هذا الباب إيضاحا كافيا. وقد بيناه في شرحنا على ألفية السيوطي في المصطلح، فقلنا: تجد أهل الحديث يبحثون عما يرويه الراوي، ليتعرفوا ما إذا كان قد انفرد به أولا، وهذا البحث يسمى عندهم "الاعتبار". فإذا لم يجدوا ثقة رواه غيره كان الحديث "فردا مطلقا" أو "غريبا" كما مضى.
مثال ذلك أن يروي حماد بن سلمة حديثاً عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فينظر هل رواه ثقة آخر عن أيوب؟ فإن وجد كان ذلك متابعة تامة، وإن لم يوجد فينظر: هل رواه ثقة آخر عن ابن سيرين غير أيوب؟ فإن وجد كان متابعة قاصرة [1]، وإن لم يوجد فينظر: هل رواه ثقة آخر عن أبي هريرة غير ابن سيرين؟ فإن وجد كان متابعة قاصرة: وإن لم يوجد فينظر: هل رواه صحابي آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي هريرة؟ فإن وجد كان متابعة قاصرة أيضا، وإن لم يوجد كان الحديث فرداً غريباً.
كحديث " أحبب حبيبك هونا ما "، فإنه رواه الترمذي [2] من طريق حماد ابن سلمة بإلاسناد السابق، وقال: " غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه ".
قال السيوطي في التدريب [1/ 283]: " أي من وجه يثبت، وإلا فقد رواه =
_____
[1] فائدة:
قال الشيخ حمزة المليباري "إن البحث عن الشواهد والمتابعات القاصرة تتبلور أهميته إذا طعن في الأحاديث ببطلانها أو بوضعها. . . . . أما إذا تكلم في الإسناد بمخالفة راويه لغيره أو تفرده بروايته عمن فوقه فدور الباحث أن يبحث عن المتابعات التامة والثابتة التي تزول بها حالة التفرد، أو عن القرائن التي تزول بها المخالفة والتي تدل على أن الراوي قد حفظ الحديث عن شيخه، وحدث كما سمعه منه، وإلا - أي وإن لم توجد المتابعات التامة أو القرائن - فقول الناقد بالمخالفة أو التفرد يبقى سليماً، ولا يرده الشواهد والمتابعات القاصرة"ا. هـ"عبقرية مسلم" ص 175 - 176
[2] السنن (1997)