7 - ابن عنُين الشاعر، أبو المحاسن محمد بن نصر توفي 630هـ:
أصله من الكوفة ووُلد في دمشق ونشأ بها، وسافر عنها سنين، فجاب الأقطار والبلاد شرقاً وغرباً، ودخل الجزيرة وبلاد الروم والعراق وخراسان وما وراء النهر والهند والحجاز ومصر وبغداد ومدح أكثر أهل هذه البلاد، وحصَّل أموالاً جزيلة وكان ظريفاً شاعراً مُطبَّقاً مشهوراً، حسن الأخلاق، جميل المعاشرة وقد رجع إلى بلده دمشق، فكان بها حتى مات في هذه السنة في قول ابن الساعي وقد نفاه الملك الناصر صلاح الدين إلى الهند، فامتدح ملوكَها، وحصَّل أموالاً جزيلة، وصار إلى اليمن، فيُقال، إنه وزر لبعض ملوكها ثم عاد في أيام العادل إلى دمشق، ولما مَلك المعظَّمُ استوزره، فأساء السيرة واستقال هو من تلقاء نفسه فعزله وكان قد كتب إلى الدَّماسقة من بلاد الهند:
فعلام أبعدتهم أخاثقةٍ ... لم يجترم ذنباً ولا سَرَقَا
انفوا المؤذَّن من بلادكم ... إن كان يُنفى كلُّ من صَدَقا
ومما هجا به الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله:
سلطاننا أعرجٌ وكاتبه ... ذو عَمَشٍ والوزيرُ منُحِدبُ
والدَّولعيُّ الخطيبُ معتكفٌ ... وهو على قِشرِ يبضة يَثِبُ
ولابن باقا وعظٌ يغُرُّ به ... الناسَ وعبُداللطيف محتسبِ
وصاحبُ الأمر خُلْقُه شَرِسٌ ... وعارض الجيش داؤه عَجَبُ
وقال في الملك العادل سيف الدين، رحمه الله تعالى:
إن سلطاننا الذي نرتجيه ... واسع المال ضيقُ الإنفاق
هو سيف كما يُقال ولكن ... قاطعٌ للرسوم والأرزاق
وقد حضر مّرة مجلس الفخر الرازي بخراسان وهو على المنبر يَعظُِ الناس، فجاءت حمامة خلفَها جارح، فألقت نفسها على الفخر الرازيَّ كالمُستجيرة به، فأنشأ ابن عُنَيْنٍ يقول:
جاءت سليمان الزمان حمامةٌ ... والموت يَلمَعٌ من جَنَاحَيْ خاطف
قرِمٌ لواه الجوع حتى ظلُّه ... بإزائة يَجرى بقلب واجف
من أعلم الورقاءَ أن مَحَلَّكم ... حرم وأنك ملجأٌ للخائف (?)