3 - سنة 628هـ: استهلت هذه السنة والملك الأشرف موسى بن العادل ببلاد الجزيرة مشغول بإصلاح ما كان جلال الدين الخوارزمي قد أفسده في بلاده وقد قدِمت التِتار في هذه السنة إلى الجزيرة وديار بكر، فعاثوا بالفساد يميناً وشمالاً، فقتلوا ونهبوا وسَبْوا على عادتهم (?) وفيها حبس الملك الأشرف الشيخ عليَّاً الحريري بقلعةِ عزَّتا وفيها كان غلاء شديد بديار مصر وبلاد الشام وحلب والجزيرة بسبب قلة المياة السمَّاوية والأرضية، فكانت هذه السنة كما قال الله تعالى: "ولنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنّا إليه راجعون " (البقرة، آية 155، 156) وحج الناس في هذه السنة من الشام وكان فيمن خرج الشيخ تقّي الدين أبو عمرو بن الصَّلاحِ ثم لم يَحٌجَّ الناس بعد هذه السنة أيضاً لكثرة الحروب والخوف من التَّتَر والفرنج، فإنا لله وإنا إليه راجعون (?).
4 - مقتل محمود بن علاء الدين خوارزم سنة 628هـ: كانت التَّتار قد قهروا أباه حتى شرَّدوه في البلاد، فمات ببعض جزائر البحر ثم ساقوا وراء جلال الدين هذا حتى مزّقوا عساكره شذر مذر وتفَّرقوا عنه أيْدِى سَبَا، وانفرد هو وحده فلقيه فلاح من قرية بأرض مَيَّا فارقين، فأنكره لِما عليه من الجواهر والذهب، وعلى فرسِه فقال له: من أنت؟ فقال: أنا ملك الخوارزمية، وكانوا قد قتلوا للفلاح أخاً، فأنزله وأظهر إكرامه، فلما نام قتله بفأس كانت عنده، وأخذ ما عليه، فبلغ الخبر إلى شهاب الدين غازي بن العادل، صاحب مَيَّافارقين فاستدعى بالفلاح، فأخذ ما كان عليه من الجواهر والحُلِيَّ وأخذ الفرس أيضاً، وكان الملك الأشرف يقول: هو سدُّ بيننا وبين التتَّار، كما أن السَّد بيننا وبين يأجوج ومأجوج (?).