في كل يوم اثنين وخميس، ويجمع في طريقه الشَّيحَ فيُعطيه الأرامل والمساكين، ومهما تهيَّأ له من فتوح وغيره يُؤثِرُ به أهله والمساكين وكان مُتقللاَّ في الملبس، وكان هو وأخوه وابنُ خالهم الحافظ عبد الغني وأخوه الشيخ العماد لا ينقطعون من غزاة يخرج فيها الملك صلاح الدين إلى بلاد الفرنج وقد حضروا معه فتح القدس الشريف وغيرها، وجاء الملك العادل أبو بكر يوماً إلى خيمتهم لزيارة الشيخ أبي عمر، وهو قائم يُصليَّ، فما قطع صلاته ولا أوْجزها، بل استمر فيها وهو الذي شرع في بناء الجامع أولاً بمال رجل من الناس فنفدِ ما كان بيده، وقد ارتفع البناء قامة، فبعث صاحب إربل الملك المظفُّر كُوكُبُري مالاً، فكمَل وولى خطابته الشيخ أبو عمر، فكان يخطب به وعليه لباسه الضّعيف وعليه أنوار الخشية والتقوى (?) وقد ذكر أبو المظفر الكثير من مناقب أبي عمر وكراماته، وما رآه هو وغيُره من أحواله الصالحة قال: وكان على مذهب السلف الصالح، حسن العقيدة، متمسّكاً بالكتاب والسنة والآثار المروية، يُمُّرها كما جاءت منِ غير طعن على أئمة الدين وعلماء المسلمين وينهي عن صحبة المبتدعين ويأمر بصحبة الصالحين (?) قال: ربما أنشدني لنفسه في ذلك:

أوصيكم بالقول في القرآن ... بقول أهل الحقَّ والإتقان

ليس بمخلوقٍ ولا بفان ... لكن كلامُ الملكِ الدّيَّان

آياته مشرقة المعاني ... متلوة لله باللسان

محفوظة في الصَّدرِ والجنان ... مكتوبة في الصُّحْفِ بالبَنان

إمرارُها من غير ما كُفران ... من غير تشبيه ولا عطُلان (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015