والمهم أن الله تعالى لا يحجب نعمة عن أحد، بل يوزعها على المؤمن والكافر، ثم يراقب تصرف الكل فيها، فمن طغى وظلم ومن كفر بها واستعملها استعمالاً سيئاً فإن العقاب العادل سينزل به في الوقت المناسب وقد يطول ذلك العهد قبل نزول العقاب ولكنه يكون في الطريق وبعد هذا وذلك فإنه: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" (البقرة، آية: 86). ومثل هذا في الأمم والمجتمعات وعلى مستوى الأفراد، فإن الله خلق النفوس ملهما إياها طريق الخير والشر يقول تعالى: "ونفس وما سوّاها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكّاها * وقد خاب من دسّاها" (الشمس، آية: 7 – 10 وقال تعالى: "وهديناه النجدين" (البلد: 10) ومن الملاحظ في دراسة أسباب سقوط الدول والحضارات بأنها لا تسقط بسبب واحد، كما لا تقوم بسبب واحد، بل تتجمع عدة أسباب لقيامها، وعدة أسباب لتدهورها وسقوطها، بعضها يعمل ببطء بينما يعمل البعض بسرعة أكبر، ولا تسقط الدولة أو الحضارة بضربة واحدة، بل يتظافر جملة من العوامل، وهذا ما حدث للدولة الأيوبية التي زالت من الوجود في مصر عام 648هـ وأهم هذه الأسباب في نظري:
1 - توقف منهج التجديد الإصلاحي.
2 - الظلم.
3 - الترف والإنغماس في الشهوات.
4 - تعطيل الخيار الشوري.
5 - النزاع الداخلي في الأسرة الأيوبية.
6 - موالاة بعض الأيوبيين للنصارى.
7 - فشل الأيوبيين في إيجاد تيار حضاري.
8 - ضعف الحكومة المركزية.
9 - ضعف النظام الاستخباراتي.
10 - غياب العلماء الربانيين عن القرار السياسي.
11 - وفاة الملك الصالح أيوب وعدم كفاءة وريثه.