كان الملك العادل قد تمكن من السيطرة على مقاليد الأمور وصارا الشخصية البارزة في البيت الأيوبي واتبع سياسة سلمية تجاه الصليبيين بصفة عامة وفضل الحلول الدبلوماسية أو التلويح باستخدام القوة دون استخدامها فعلياً من ذلك؛ أنه عقد اتفاقاً للهدنة مع الملك عموري الثاني لوزينبان في عام 1198م/594هـ (?)، وعندما قام فرسان الاسبتارية في عام 1207م/604هـ بشن الإغارات الحربية على مدينة حمص وكذلك استيلاء الصليبيين في قبرص في نفس العام على عدد من السفن المصرية: اكتفى العادل الأيوبي بتوجيه الإنذار للملك الصليبي، برد الأسرى المسلمين (?) وفي الحقيقة: أن العادل الأيوبي بتلك السياسة ابتعد كثيراً عن سياسة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، ويبدو أنه كان يخشى أن يؤدي تعامله العسكري مع الصليبيين إلى قدوم حملة صليبية بنفس الثقل العسكري والسياسي للحملة الصليبية الثالثة، ومع ذلك فلا تبرر له تلك السياسة التي ستلحق الضعف بالمسلمين، وخاصة أن توجهه هذا أتى في وقت لم يكن فيه الصليبيون يتبعون تلك السياسة السلمية من جانبهم كسياسة عامة، كما أن الاتجاه السلمي له سيتزايد من بعده على نحو سيورد المسلمين إلى موارد ساحة التنازلات الغير مسبوقة، كما سيأتي بيانه في عهد ابنه الملك الكامل بإذن الله تعالى، ويعلق أحد المؤرخين البارزين على الموقف قائلاً: إن ما قام به صلاح الدين من أعمال تعتبر من المنجزات ذات الأهمية البالغة ولو أعقبه حاكم آخر من طرازه لتيسر انجاز ما تبقى من العمل ... غير أن مأساة المسلمين في العصور الوسطى كانت تتمثل في الافتقار إلى النظم الثابتة اللازمة للاضطلاع بالسلطة بعد وفاة الزعيم (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015