وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ , وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ " وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ: الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ " لَيْسَ وُجُوهُ هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا مِنَ الذُّنُوبِ: أَنَّ رَاكِبَهَا يَكُونُ جَاهِلًا وَلَا كَافِرًا وَلَا مُنَافِقًا وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ , وَمُؤَدٍ لِفَرَائِضِهِ , وَلَكِنْ مَعْنَاهَا أَنَّهَا تَتَبَيَّنُ مِنْ أَفْعَالِ الْكُفَّارِ مُحَرَّمَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فِي الْكِتَابِ وَفِي السُّنَّةِ , لِيَتَحَامَاهَا الْمُسْلِمُونَ وَيَتَجَنَّبُوهَا , فَلَا يَتَشَبَّهُوا بِشَيْءٍ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَلَا شَرَائِعِهِمْ وَلَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ: «إِنَّ السَّوَادَ خِضَابُ الْكُفَّارِ» فَهَلْ يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ يَكْفُرُ مِنْ أَجْلِ الْخِضَابِ؟ وَكَذَلِكَ حَدِيثُهُ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ , ثُمَّ مَرَّتْ بِقَوْمٍ يُوجَدُ رِيحُهَا: «أَنَّهَا زَانِيَةٌ» , فَهَلْ يَكُونُ هَذَا عَلَى الزِّنَا الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْحُدُودُ؟ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: «الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَهَاتَرَانِ , وَيَتَكَاذَبَانِ» , أَفَيُتَّهَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَ الشَّيْطَانَيْنِ اللَّذِينَ هُمْ أَوْلَادُ إِبْلِيسَ؟ إِنَّمَا هَذَا كُلُّهُ عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ مِنَ الْأَفْعَالِ وَالْأَخْلَاقِ وَالسُّنَنِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ كُفْرٍ أَوْ شِرْكٍ لِأَهْلِ الْقِبْلَةِ فَهُوَ عِنْدَنَا عَلَى هَذَا , وَلَا يَجِبُ اسْمُ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ الَّذِي تَزُولُ بِهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ وَيُلْحَقُ صَاحِبُهُ بِرِدَّةٍ إِلَّا كَلِمَةُ الْكُفْرِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهَا , وَبِذَلِكَ جَاءَتِ الْآثَارُ مُفَسَّرَةً