وَحَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي الْمُقَدِّمِ ثَقَلَهُ لَيْلَةَ النَّفْرِ أَنَّهُ: «لَا حَجَّ لَهُ» , وَقَالَ حُذَيْفَةُ: مَنْ تَأَمَّلَ خَلْقَ امْرَأَةٍ مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ وَهُوَ صَائِمٌ أَبْطَلَ صَوْمَهُ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا , وَمَا كَانَ مُضَاهِيًا لَهَا , فَهُوَ عِنْدِي عَلَى مَا فَسَّرْتُهُ لَكَ، وَكَذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِيهَا الْبَرَاءَةُ , فَهِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ: «مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَلَيْسَ مِنَّا» , لَا نَرَى شَيْئًا مِنْهَا يَكُونُ مَعْنَاهُ التَّبَرُّؤُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مِنْ مِلَّتِهِ إِنَّمَا مَذْهَبُهُ عِنْدَنَا: أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُطِيعِينَ لَنَا , وَلَا مِنَ الْمُقْتَدِينَ بِنَا , وَلَا مِنَ الْمُحَافِظِينَ عَلَى شَرَائِعِنَا , وَهَذِهِ النُّعُوتُ وَمَا أَشْبَهَهَا وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ: «لَيْسَ مِنَّا» : لَيْسَ مِثْلَنَا , وَكَانَ يَرْوِيهِ عَنْ غَيْرِهِ أَيْضًا فَهَذَا التَّأْوِيلُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالَهُ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ , فَإِنِّي لَا أَرَاهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ إِذَا جَعَلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَيْسَ مِثْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَزِمَهُ أَنْ يَصِيرَ مَنْ يَفْعَلُهُ مِثْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَاعِلَ وَالتَّارِكِ , وَلَيْسَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدِيلٌ وَلَا مَثَلٌ مِنْ فَاعِلٍ ذَلِكَ وَلَا تَارِكِهِ فَهَذَا مَا فِي نَفْيِ الْإِيمَانِ وَفِي الْبَرَاءَةِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِنَّمَا أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ , وَإِلَيْهِ يَؤُولُ وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْوِيَّاتُ بِذِكْرِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَوُجُوبِهِمَا بِالْمَعَاصِي , فَإِنَّ مَعْنَاهَا عِنْدَنَا لَيْسَتْ تُثْبِتُ عَلَى أَهْلِهَا كُفْرًا وَلَا شِرْكًا يُزِيلَانِ الْإِيمَانَ عَنْ صَاحِبِهِ , إِنَّمَا وُجُوهُهَا: أَنَّهَا مِنَ الْأَخْلَاقِ وَالسُّنَنِ الَّتِي عَلَيْهَا الْكُفَّارُ وَالْمُشْرِكُونَ , وَقَدْ وَجَدْنَا لِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنَ الدَّلَائِلِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نَحْوًا مِمَّا وَجَدْنَا فِي النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015