16 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , قَالَ: " مَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ , فَحَسَنٌ وَمَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَحَسَنٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: 27] , وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ " وَهَذَا عِنْدِي وَجْهُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ أَتَاهُ صَاحِبُ مُعَاذٍ فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ: مُؤْمِنٌ وَمُنَافِقٌ وَكَافِرٌ , فَمِنْ أَيِّهِمْ كُنْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّمَا نَرَاهُ أَرَادَ: أَنِّي كُنْتُ -[22]- مِنْ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ لَا مِنَ الْآخَرِينَ فَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَنَا أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَأَتْقَى لَهُ مِنْ أَنْ يُرِيدَهُ , فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ , وَاللَّهُ يَقُولُ {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] ؟ وَالشَّاهِدُ عَلَى مَا نَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ هَذَا لَا يَقُولُ: أَنَا مُؤْمِنٌ عَلَى تَزْكِيَةٍ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا , وَلَا نَرَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُهُ عَلَى قَائِلِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ , إِنَّمَا كَانَ يَقُولُ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ , لَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ , وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَخَذَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ وَطَاوُسٌ وَابْنُ سِيرِينَ ثُمَّ أَجَابَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى أَنْ قَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ , فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ مَحْفُوظًا عَنْهُ فَهُوَ عِنْدِي عَلَى مَا أَعْلَمْتُكَ , وَقَدْ رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يُنْكِرُهُ , وَيَطْعَنُ فِي إِسْنَادِهِ , لِأَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى خِلَافِهِ وَكَذَلِكَ نَرَى مَذْهَبَ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ كَانُوا يَتَسَمَّوْنَ بِهَذَا الِاسْمِ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ , فَيَقُولُونَ: نَحْنُ مُؤْمِنُونَ , مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ , وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ , وَعَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلُ: عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ , وَالصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ , وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ , وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ , إِنَّمَا هُوَ عِنْدَنَا مِنْهُمْ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْإِيمَانِ لَا عَلَى الِاسْتِكْمَالِ , أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ ابْنِ سِيرِينَ وَطَاوُسٍ إِنَّمَا كَانَ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا بِهِ أَصْلًا , وَكَانَ الْآخَرُونَ يَتَسَمَّونَ بِهِ فَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: كَإِيمَانِ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ فَمَعَاذَ اللَّهِ , لَيْسَ هَذَا طَرِيقَ الْعُلَمَاءِ , وَقَدْ جَاءَتْ كَرَاهِيَتُهُ مُفَسَّرَةً عِنْدَ عِدَّةٍ مِنْهُمْ