فَإِنِّي لَا أَرَاهُ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ إِذَا جَعَلَ مَن فَعَلَ ذَلِكَ لَيْسَ مِثْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَزِمَهُ أَنْ يَصِيرَ مَنْ يَفْعَلُهُ مِثْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَاعِلَ وَالتَّارِكِ, وَلَيْسَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدِيلٌ وَلَا مَثَلٌ مِنْ فَاعِلٍ ذَلِكَ وَلَا تَارِكِهِ.
فَهَذَا مَا فِي نَفْيِ الْإِيمَانِ وَفِي الْبَرَاءَةِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ وَإِلَيْهِ يَؤُولُ.
وَأَمَّا الْآثَارُ الْمَرْوِيَّاتُ1 بِذِكْرِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَوُجُوبِهِمَا بِالْمَعَاصِي، فَإِنَّ مَعْنَاهَا عِنْدَنَا لَيْسَتْ تُثبت عَلَى أَهْلِهَا كُفْرًا وَلَا شِرْكًا يُزِيلَانِ الْإِيمَانَ عَنْ صَاحِبِهِ، إِنَّمَا وُجُوهُهَا: أَنَّهَا مِنَ الْأَخْلَاقِ وَالسُّنَنِ الَّتِي عَلَيْهَا الْكُفَّارُ وَالْمُشْرِكُونَ، وَقَدْ وَجَدْنَا لِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنَ الدَّلَائِلِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نَحْوًا مِمَّا وَجَدْنَا في النوعين الأولين.