ولهذا ذهب كثير من الفقهاء إلى أنه متى لم يوجد المحلوف عليه حنث، أو متى وجد المحلوف عليه أنه لا يفعله، حنث، سواء كان ناسيًا أو مخطئًا أو جاهلاً، فإنهم لحظوا أن هذا في معنى الخبر، فإذا وجد بخلاف مخبره فقد حنث، وقال الآخرون: بل هذا مقصوده الحض والمنع، كالأمر والنهي، ومتى نهي الإنسان عن شيء ففعله ناسيًا أو مخطئًا لم يكن مخالفًا، فكذلك هذا. قال الأولون: فقد يكون في معنى التصديق والتكذيب، كقوله: والله ليقعن المطر، أو لا يقع، وهذا خبر محض، ليس فيه حض ولا منع، ولو حلف على اعتقاده فكان الأمر بخلاف ما حلف عليه، حنث، وبهذا يظهر الفرق بين الحلف على الماضي والحلف على المستقبل، فإن اليمين على الماضي غير منعقدة، فإذا أخطأ فيها لم يلزمه كفارة، كالغَمُوس، بخلاف المستقبل. وليس عليه أن يستثنى في المستقبل إذا كان فعله، قال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن: 7] ، فأمره أن يقسم على ما سيكون، وكذلك قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سبأ: 3] ، كما أمره أن يقسم على الحاضر في قوله: {وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: 53] ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسي بيده، لينزلن فيكم ابن مريم حَكَمًا عَدْلا وإمامًا مقْسِطًا"، وقال: " والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتي يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيما قَتَل، ولا المقتول فيما قُتِل " وقال: " إذا هلك كسرى أو ليهلك كسرى ثم لا يكون