المؤمنين من حقيقة الإيمان أم لا؟ هذا طريق الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان. عندهم أن الاستثناء في الأعمال، لا يكون في القول والتصديق بالقلب وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان. والناس عندهم على الظاهر مؤمنون، به يتوارثون، وبه يتناكحون، وبه تجري أحكام ملة الإسلام، لكن الاستثناء منهم على حسب ما بيَّناه لك، وبيَّنه العلماء قبلنا " 1اهـ.

وهذا هو مذهب سلف أصحاب الحديث، كابن مسعود وأصحابه، والثوري، وابن عيينة، وأكثر علماء الكوفة، ويحيى بن سعيد القطان فيما يرويه عن علماء أهل البصرة، وأحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة فكانوا يستثنون في الإيمان، وهذا متواتر عنهم 2. بل هذا مذهب عامة السلف ـ رحمهم الله ـ كما قال أحمد بن حنبل: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما أدركت أحداً إلا على الاستثناء 3. وقال ـ رحمه الله ـ: إذا قال أنا مؤمن إن شاء الله فليس هو بِشاكٍّ، قيل له: إن شاء الله ليس هو بشك؟ فقال: معاذ الله، أليس قد قال الله عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} وفي علمه أنهم يدخلونه، وصاحب القبر إذا قيل له: " وعليه تُبعث إن شاء الله " فأي شكِّ ههنا؟ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " 4.

وقد ذكر صاحب المدخل ما قاله الإمام أحمد في رسالته المطوَّلة التي رواها عنه أحمد بن جعفر بن يعقوب الإصطخري التي منها قوله: ويُستثنى في الإيمان غير أن لا يكون الاستثناء شكاً، إنما هي سنة عند العلماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015